للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَهَّلَهُ لَهُ، مِثْلُ كَرَاهَتِهِ مِنْهُ لِارْتِكَابِ مَا حَرَّمَهُ عَلَيْهِ وَمَنَعَهُ مِنْهُ. وَالْهَدْيُ وَإِنْ كَانَ بَدَلًا عَنْ تَرَفُّهِهِ بِسُقُوطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ، فَهُوَ أَفْضَلُ لِمَنْ قَدِمَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ بِحَجٍّ مُفْرَدٍ وَيَعْتَمِرَ عَقِيبَهُ، وَالْبَدَلُ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا كَالْجُمُعَةِ عِنْدَ مَنْ جَعَلَهَا بَدَلًا، وَكَالتَّيَمُّمِ لِلْعَاجِزِ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَهُوَ بَدَلٌ، فَإِذَا كَانَ الْبَدَلُ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا، فَكَوْنُهُ مُسْتَحَبًّا أَوْلَى بِالْجَوَازِ وَتَخَلُّلُ التَّحَلُّلِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ عِبَادَةً وَاحِدَةً كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ، فَإِنَّهُ رُكْنٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَا يُفْعَلُ إِلَّا بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ رَمْيُ الْجِمَارِ أَيَّامَ مِنًى، وَهُوَ يُفْعَلُ بَعْدَ الْحِلِّ التَّامِّ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ يَتَخَلُّلُهُ الْفِطْرُ فِي لَيَالِيِهِ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عِبَادَةً وَاحِدَةً.

وَلِهَذَا قَالَ مالك وَغَيْرُهُ إِنَّهُ يُجْزِئُ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ لِلشَّهْرِ كُلِّهِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

وَأَمَّا قَوْلُكُمْ إِذَا لَمْ يَجُزْ إِدْخَالُ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ، فَلِأَنْ لَا يَجُوزَ فَسْخُهُ إِلَيْهَا أَوْلَى وَأَحْرَى، فَنَسْمَعُ جَعْجَعَةً وَلَا نَرَى طِحْنًا. وَمَا وَجْهُ التَّلَازُمِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَمَا الدَّلِيلُ عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى الَّتِي لَيْسَ بِأَيْدِيكُمْ بُرْهَانٌ عَلَيْهَا؟ ثُمَّ الْقَائِلُ بِهَذَا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ أبي حنيفة رَحِمَهُ اللَّهُ، فَهُوَ غَيْرُ مُعْتَرَفٍ بِفَسَادِ هَذَا الْقِيَاسِ.

وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ، طُولِبَ بِصِحَّةِ قِيَاسِهِ فَلَا يَجِدُ إِلَيْهِ سَبِيلًا، ثُمَّ يُقَالُ: مُدْخِلُ الْعُمْرَةِ قَدْ نَقَصَ مِمَّا كَانَ الْتَزَمَهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يَطُوفُ طَوَافًا لِلْحَجِّ، ثُمَّ طَوَافًا آخَرَ لِلْعُمْرَةِ. فَإِذَا قَرَنَ كَفَاهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقَدْ نَقَصَ مِمَّا كَانَ يَلْتَزِمُهُ.

وَأَمَّا الْفَاسِخُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُضْ مِمَّا الْتَزَمَهُ، بَلْ نَقَلَ نُسُكَهُ إِلَى مَا هُوَ أَكْمَلُ مِنْهُ، وَأَفْضَلُ وَأَكْثَرُ وَاجِبَاتٍ، فَبَطَلَ الْقِيَاسُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

[الْعَوْدَةُ إِلَى سِيَاقِ حَجَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ نُزُولِهِ بِذِي طُوًى]

فَصْلٌ

عُدْنَا إِلَى سِيَاقِ حَجَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ثُمَّ نَهَضَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَنْ نَزَلَ بِذِي طُوًى، وَهِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>