كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ مِنْ بَعْدِي، فَهَذَانِ هُمَا، أَحَدُهُمَا العنسي صَاحِبُ صَنْعَاءَ، وَالْآخَرُ مسيلمة الكذاب صَاحِبُ الْيَمَامَةِ» ) . وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ الْمُتَقَدِّمِ.
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذَا أُتِيتُ بِخَزَائِنِ الْأَرْضِ، فَوُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ فَكَبُرَا عَلَيَّ وَأَهَمَّانِي، فَأُوحِيَ إِلَيَّ أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَذَهَبَا، فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا، صَاحِبَ صَنْعَاءَ، وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ» ) .
[فَصْلٌ فِي فِقْهِ هَذِهِ الْقِصَّةِ]
فِيهَا: جَوَازُ مُكَاتَبَةِ الْإِمَامِ لِأَهْلِ الرِّدَّةِ إِذَا كَانَ لَهُمْ شَوْكَةٌ، وَيَكْتُبُ لَهُمْ وَلِإِخْوَانِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ: سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى.
وَمِنْهَا: أَنَّ الرَّسُولَ لَا يُقْتَلُ وَلَوْ كَانَ مُرْتَدًّا، هَذِهِ السُّنَّةُ.
وَمِنْهَا: أنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْتِيَ بِنَفْسِهِ إِلَى مَنْ قَدِمَ يُرِيدُ لِقَاءَهُ مِنَ الْكُفَّارِ.
وَمِنْهَا: أنَّ الْإِمَامَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُجِيبُ عَنْهُ أَهْلَ الِاعْتِرَاضِ وَالْعِنَادِ.
وَمِنْهَا: تَوْكِيلُ الْعَالِمِ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ عَنْهُ وَيُجِيبَ عَنْهُ.
تَأْوِيلُ رُؤْيَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ الصِّدِّيقَ يُحْبِطُ أَمْرَ مسيلمة
وَمِنْهَا: أنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَكْبَرِ فَضَائِلِ الصِّدِّيقِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَخَ السِّوَارَيْنِ بِرُوحِهِ فَطَارَا، وَكَانَ الصِّدِّيقُ هُوَ ذَلِكَ الرُّوحَ الَّذِي نَفَخَ مسيلمة وَأَطَارَهُ.
قَالَ الشَّاعِرُ:
فَقُلْتُ لَهُ ارْفَعْهَا إِلَيْكَ فَأَحْيِهَا ... بِرُوحِكَ وَاقْتَتْهُ لَهَا قِيتَةً قَدْرًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute