يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْمَسْلَكِ مِنَ الضَّعْفِ، بَلْ هُوَ أَضْعَفُ الْمَسَالِكِ فِي الْحَدِيثِ.
وَحَدِيثُ عائشة هَذَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أُصُولٌ عَظِيمَةٌ مِنْ أُصُولِ الْمَنَاسِكِ.
أَحَدُهَا: اكْتِفَاءُ الْقَارِنِ بِطَوَافٍ وَاحِدٍ وَسَعْيٍ وَاحِدٍ.
الثَّانِي: سُقُوطُ طَوَافِ الْقُدُومِ عَنِ الْحَائِضِ، كَمَا أَنَّ حَدِيثَ صفية زوج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْلٌ فِي سُقُوطِ طَوَافِ الْوَدَاعِ عَنْهَا.
الثَّالِثُ: أَنَّ إِدْخَالَ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ لِلْحَائِضِ جَائِزٌ، كَمَا يَجُوزُ لِلطَّاهِرِ، وَأَوْلَى؛ لِأَنَّهَا مَعْذُورَةٌ مُحْتَاجَةٌ إِلَى ذَلِكَ.
الرَّابِعُ: أَنَّ الْحَائِضَ تَفْعَلُ أَفْعَالَ الْحَجِّ كُلَّهَا، إِلَّا أَنَّهَا لَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ.
الْخَامِسُ: أَنَّ التَّنْعِيمَ مِنَ الْحِلِّ.
السَّادِسُ: جَوَازُ عُمْرَتَيْنِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، بَلْ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ.
السَّابِعُ: أَنَّ الْمَشْرُوعَ فِي حَقِّ الْمُتَمَتِّعِ إِذَا لَمْ يَأْمَنِ الْفَوَاتَ أَنْ يُدْخِلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ، وَحَدِيثُ عائشة أَصْلٌ فِيهِ.
الثَّامِنُ: أَنَّهُ أَصْلٌ فِي الْعُمْرَةِ الْمَكِّيَّةِ، وَلَيْسَ مَعَ مَنْ يَسْتَحِبُّهَا غَيْرُهُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْتَمِرْ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ حَجَّ مَعَهُ مِنْ مَكَّةَ خَارِجًا مِنْهَا إِلَّا عائشة وَحْدَهَا، فَجَعَلَ أَصْحَابُ الْعُمْرَةِ الْمَكِّيَّةِ قِصَّةَ عائشة أَصْلًا لِقَوْلِهِمْ، وَلَا دَلَالَةَ لَهُمْ فِيهَا، فَإِنَّ عُمْرَتَهَا إِمَّا أَنْ تَكُونَ قَضَاءً لِلْعُمْرَةِ الْمَرْفُوضَةِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهَا رَفَضَتْهَا، فَهِيَ وَاجِبَةٌ قَضَاءً لَهَا، أَوْ تَكُونَ زِيَادَةً مَحْضَةً، وَتَطْيِيبًا لِقَلْبِهَا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهَا كَانَتْ قَارِنَةً، وَإِنَّ طَوَافَهَا وَسَعْيَهَا أَجْزَأَهَا عَنْ حَجِّهَا وَعُمْرَتِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[هَلْ كَانَتْ عُمْرَةُ التَّنْعِيمِ مُجْزِئَةً لِعَائِشَةَ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ]
فَصْلٌ
وَأَمَّا كَوْنُ عُمْرَتِهَا تِلْكَ مُجْزِئَةً عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ لِلْفُقَهَاءِ وَهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute