فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَنُهْرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا؟ فَقَالَ: أَوْ ذَاكَ؟» ) فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ، خَرَجَ مَرْحَبٌ يَخْطُرُ بِسَيْفِهِ وَهُوَ يَقُولُ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرِّبُ
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ
فَنَزَلَ إِلَيْهِ عامر وَهُوَ يَقُولُ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ
فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عامر، فَذَهَبَ عامر يَسْفُلُ لَهُ، وَكَانَ سَيْفُ عامر فِيهِ قِصَرٌ، فَرَجَعَ عَلَيْهِ ذُبَابُ سَيْفِهِ فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَتِهِ، فَمَاتَ مِنْهُ، فَقَالَ سلمة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: زَعَمُوا أَنَّ عامرا حَبِطَ عَمَلُهُ. فَقَالَ: ( «كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، إِنَّ لَهُ أَجْرَيْنِ - وَجَمَعَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ - إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ» ) .
[فَصْلٌ في الْقُدُومُ إِلَى خَيْبَرَ]
فَصْلٌ
وَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ صَلَّى بِهَا الصُّبْحَ، وَرَكِبَ الْمُسْلِمُونَ، فَخَرَجَ أَهْلُ خَيْبَرَ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ، وَلَا يَشْعُرُونَ، بَلْ خَرَجُوا لِأَرْضِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوُا الْجَيْشَ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، ثُمَّ رَجَعُوا هَارِبِينَ إِلَى حُصُونِهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ» )
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute