قُرَادَهُ عَنْهُ. وَقِيلَ: هُوَ دُعَاءٌ لَهُ بِثَبَاتِهِ عَلَى قَوَائِمِهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، مَأْخُوذٌ مِنَ الشَّوَامِتِ وَهِيَ الْقَوَائِمُ.
وَقِيلَ: هُوَ تَشْمِيتٌ لَهُ بِالشَّيْطَانِ، لِإِغَاظَتِهِ بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَى نِعْمَةِ الْعُطَاسِ، وَمَا حَصَلَ لَهُ بِهِ مِنْ مَحَابِّ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ، فَإِذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ اللَّهَ وَحَمِدَهُ، سَاءَ ذَلِكَ الشَّيْطَانَ مِنْ وُجُوهٍ:
مِنْهَا: نَفْسُ الْعُطَاسِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ، وَحَمْدُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَدُعَاءُ الْمُسْلِمِينَ لَهُ بِالرَّحْمَةِ، وَدُعَاؤُهُ لَهُمْ بِالْهِدَايَةِ، وَإِصْلَاحُ الْبَالِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ غَائِظٌ لِلشَّيْطَانِ، مُحْزِنٌ لَهُ، فَتَشْمِيتُ الْمُؤْمِنِ بِغَيْظِ عَدُوِّهِ وَحُزْنِهِ وَكَآبَتِهِ، فَسُمِّيَ الدُّعَاءُ لَهُ بِالرَّحْمَةِ تَشْمِيتًا لَهُ، لِمَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ شَمَاتَتِهِ بِعَدُوِّهِ، وَهَذَا مَعْنًى لَطِيفٌ إِذَا تَنَبَّهَ لَهُ الْعَاطِسُ وَالْمُشَمِّتُ انْتَفَعَا بِهِ وَعَظُمَتْ عِنْدَهُمَا مَنْفَعَةُ نِعْمَةِ الْعُطَاسِ فِي الْبَدَنِ وَالْقَلْبِ، وَتَبَيَّنَ السِّرُّ فِي مَحَبَّةِ اللَّهِ لَهُ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ الَّذِي هُوَ أَهْلُهُ كَمَا يَنْبَغِي لِكَرِيمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلَالِهِ.
[فَصْلٌ آدَابُ الْعُطَاسِ]
فَصْلٌ
وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعُطَاسِ مَا ذَكَرَهُ أبو داود، وَالتِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: ( «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عَلَى فِيهِ، وَخَفَضَ أَوْ غَضَّ بَهْ صَوْتَهُ» ) قَالَ الترمذي: حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَيُذْكَرُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «إِنَّ التَّثَاؤُبَ الشَّدِيدَ، وَالْعَطْسَةَ الشَّدِيدَةَ مِنَ الشَّيْطَانِ» )
وَيُذْكَرُ عَنْهُ ( «إِنَّ اللَّهَ يَكْرَهُ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالتَّثَاؤُبِ وَالْعُطَاسِ» ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute