أَخَذَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهِ الْوَعْكُ، أَمَرَ بِالْحِسَاءِ مِنَ الشَّعِيرِ، فَصُنِعَ ثُمَّ أَمَرَهُمْ فَحَسَوْا مِنْهُ، ثُمَّ يَقُولُ: " إِنَّهُ لَيَرْتُو فُؤَادَ الْحَزِينِ وَيَسْرُو فُؤَادَ السَّقِيمِ كَمَا تَسْرُوا إِحْدَاكُنَّ الْوَسَخَ بِالْمَاءِ عَنْ وَجْهِهَا» ) . وَمَعْنَى يَرْتُوهُ: يَشُدُّهُ وَيُقَوِّيهِ. وَيَسْرُو، يَكْشِفُ وَيُزِيلُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا هُوَ مَاءُ الشَّعِيرِ الْمَغْلِيِّ، وَهُوَ أَكْثَرُ غِذَاءً مِنْ سَوِيقِهِ، وَهُوَ نَافِعٌ لِلسُّعَالِ، وَخُشُونَةِ الْحَلْقِ، صَالِحٌ لِقَمْعِ حِدَّةِ الْفُضُولِ، مُدِرٌّ لِلْبَوْلِ، جَلَاءٌ لِمَا فِي الْمَعِدَةِ، قَاطِعٌ لِلْعَطَشِ، مُطْفِئٌ لِلْحَرَارَةِ، وَفِيهِ قُوَّةٌ يَجْلُو بِهَا وَيُلَطِّفُ وَيُحَلِّلُ.
وَصِفَتُهُ: أَنْ يُؤْخَذَ مِنَ الشَّعِيرِ الْجَيِّدِ الْمَرْضُوضِ مِقْدَارٌ، وَمِنَ الْمَاءِ الصَّافِي الْعَذْبِ خَمْسَةُ أَمْثَالِهِ، وَيُلْقَى فِي قِدْرٍ نَظِيفٍ، وَيُطْبَخَ بِنَارٍ مُعْتَدِلَةٍ إِلَى أَنْ يَبْقَى مِنْهُ خُمُسَاهُ، وَيُصَفَّى، وَيُسْتَعْمَلَ مِنْهُ مِقْدَارُ الْحَاجَةِ مُحَلًّا.
[شِوَاءٌ]
ٌ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ضِيَافَةِ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَضْيَافِهِ: {فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: ٦٩] [هُودٍ: ٦٩] وَالْحَنِيذُ: الْمَشْوِيُّ عَلَى الرَّضْفِ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الْمُحْمَاةُ.
وَفِي الترمذي: عَنْ أم سلمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا ( «قَرَّبَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَنْبًا مَشْوِيًّا، فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» ) . قَالَ الترمذي: حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَفِيهِ أَيْضًا: عَنْ عبد الله بن الحارث قَالَ: ( «أَكَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِوَاءً فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute