للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهُوَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِمَّا لَوْ أَعْتَقَهَا، وَاسْتَثْنَى خِدْمَتَهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ ذَلِكَ فِي غَزَاةِ خَيْبَرَ.

[فَصْلٌ فِي قَضَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ عَلَى الْإِجَازَةِ]

فِي " السُّنَنِ ": عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ( «أَنَّ جَارِيَةً بِكْرًا أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ) .

وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى الْقَوْلِ بِمُقْتَضَى هَذَا، فَقَالَ فِي رِوَايَةِ صالح فِي صَغِيرٍ زَوَّجَهُ عَمُّهُ قَالَ: إِنْ رَضِيَ بِهِ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَسَخَ، وَنَقَلَ عَنْهُ ابْنُهُ عبد الله إِذَا زُوِّجَتِ الْيَتِيمَةُ، فَإِذَا بَلَغَتْ فَلَهَا الْخِيَارُ، وَكَذَلِكَ نَقَلَ ابن منصور عَنْهُ حُكِيَ لَهُ قَوْلُ سفيان فِي يَتِيمَةٍ زُوِّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ، ثُمَّ حَاضَتْ عِنْدَ الزَّوْجِ بَعْدُ، قَالَ: تُخَيَّرُ فَإِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا لَمْ يَقَعِ التَّزْوِيجُ، وَهِيَ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا، وَإِنْ قَالَتِ: اخْتَرْتُ زَوْجِي؟ فَلْيَشْهَدُوا عَلَى نِكَاحِهِمَا. قَالَ أحمد جَيِّدٌ.

وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حنبل فِي الْعَبْدِ إِذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ عَلِمَ السَّيِّدُ بِذَلِكَ: فَإِنْ شَاءَ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ، فَالطَّلَاقُ بِيَدِ السَّيِّدِ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ، فَالطَّلَاقُ بِيَدِ الْعَبْدِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ يُطَلِّقُ، أَيْ: يُبْطِلُ الْعَقْدَ وَيَمْنَعُ تَنْفِيذَهُ وَإِجَازَتَهُ، هَكَذَا أَوَّلَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ النَّصِّ، وَهَذَا مَذْهَبُ أبي حنيفة ومالك عَلَى تَفْصِيلٍ فِي مَذْهَبِهِ، وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي صِحَّةَ هَذَا الْقَوْلِ، فَإِنَّ الْإِذْنَ إِذَا جَازَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْقَبُولَ وَالْإِيجَابَ جَازَ أَنْ يَتَرَاخَى عَنْهُ.

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ كَمَا يَجُوزُ وَقْفُهُ عَلَى الْفَسْخِ يَجُوزُ وَقْفُهُ عَلَى الْإِجَازَةِ كَالْوَصِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>