للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

وَلَمَّا كَانَ الْأَنْبِيَاءُ سَادَاتِ بَنِي آدَمَ، وَأَخْلَاقُهُمْ أَشْرَفَ الْأَخْلَاقِ، وَأَعْمَالُهُمْ أَصَحَّ الْأَعْمَالِ، كَانَتْ أَسَمَاؤُهُمْ أَشْرَفَ الْأَسْمَاءِ، فَنَدَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ إِلَى التَّسَمِّي بِأَسْمَائِهِمْ، كَمَا فِي " سُنَنِ أبي داود "، وَالنَّسَائِيِّ عَنْهُ ( «تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ» ) ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ إِلَّا أَنَّ الِاسْمَ يُذْكَرُ بِمُسَمَّاهُ وَيَقْتَضِي التَّعَلُّقَ بِمَعْنَاهُ لَكَفَى بِهِ مَصْلَحَةً مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ حِفْظِ أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَذِكْرِهَا، وَأَنْ لَا تُنْسَى، وَأَنْ تُذْكَرَ أَسَمَاؤُهُمْ بِأَوْصَافِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ.

[فَصْلٌ عِلَّةُ النَّهْيِ عَنِ التَّسْمِيَةِ بِيَسَارٍ وَأَفْلَحَ وَنَجِيحٍ وَرَبَاحٍ]

فَصْلٌ

وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ تَسْمِيَةِ الْغُلَامِ بِ: يَسَارٍ وَأَفْلَحَ وَنَجِيحٍ وَرَبَاحٍ، فَهَذَا لِمَعْنًى آخَرَ قَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ( «فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّتَ هُوَ؟ فَيُقَالُ: لَا» ) - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - هَلْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ تَمَامِ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ أَوْ مُدْرَجَةٌ مِنْ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ؟ وَبِكُلِّ حَالٍ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ لَمَّا كَانَتْ قَدْ تُوجِبُ تَطَيُّرًا تَكْرَهُهُ النُّفُوسُ، وَيَصُدُّهَا عَمَّا هِيَ بِصَدَدِهِ كَمَا إِذَا قُلْتَ لِرَجُلٍ: أَعِنْدَكَ يَسَارٌ أَوْ رَبَاحٌ أَوْ أَفْلَحُ؟ قَالَ: لَا، تَطَيَّرْتَ أَنْتَ وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَعُ الطِّيَرَةُ لَا سِيَّمَا عَلَى الْمُتَطَيِّرِينَ، فَقَلَّ مَنْ تَطَيَّرَ إِلَّا وَوَقَعَتْ بِهِ طِيَرَتُهُ، وَأَصَابَهُ طَائِرُهُ كَمَا قِيلَ:

تَعَلَّمْ أَنَّهُ لَا طَيْرَ إِلَّا ... عَلَى مُتَطَيِّرٍ فَهُوَ الثُّبُورُ

<<  <  ج: ص:  >  >>