لِلِاسْتِبْرَاءِ، أَوْ بِالْوَدِيعَةِ، فَتَحِيضُ عِنْدَهُ، ثُمَّ يَشْتَرِيهَا حِينَئِذٍ، أَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ، وَهِيَ لَا تَخْرُجُ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا. وَمِنْهَا: أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِمَّنْ هُوَ سَاكِنٌ مَعَهُ مِنْ زَوْجَتِهِ، أَوْ وَلَدٍ لَهُ صَغِيرٍ فِي عِيَالِهِ. وَقَدْ حَاضَتْ، فابن القاسم يَقُولُ: إِنْ كَانَتْ لَا تَخْرُجُ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ. وَقَالَ أشهب: إِنْ كَانَتْ مَعَهُ فِي دَارٍ وَهُوَ الذَّابُّ عَنْهَا، وَالنَّاظِرُ فِي أَمْرِهَا، فَهُوَ اسْتِبْرَاءٌ، سَوَاءٌ كَانَتْ تَخْرُجُ أَوْ لَا تَخْرُجُ.
وَمِنْهَا: إِذَا كَانَ سَيِّدُهَا غَائِبًا، فَحِينَ قَدِمَ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ، أَوْ خَرَجَتْ وَهِيَ حَائِضٌ، فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ قَبْلَ أَنْ تَطْهُرَ.
وَمِنْهَا: الشَّرِيكُ يَشْتَرِي نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنَ الْجَارِيَةِ وَهِيَ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْهُمَا، وَقَدْ حَاضَتْ فِي يَدِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسَائِلُ، فَهَذِهِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا تَضَمَّنَتِ الِاسْتِبْرَاءَ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَاكْتَفَى بِهِ مالك عَنِ اسْتِبْرَاءٍ ثَانٍ.
فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ يَجْتَمِعُ قَوْلُهُ هَذَا، وَقَوْلُهُ: إِنَّ الْحَيْضَةَ إِذَا وُجِدَ مُعْظَمُهَا عِنْدَ الْبَائِعِ لَمْ يَكُنِ اسْتِبْرَاءً؟ قِيلَ: لَا تَنَاقُضَ بَيْنَهُمَا، وَهَذِهِ لَهَا مَوْضِعٌ وَهَذِهِ لَهَا مَوْضِعٌ، فَكُلُّ مَوْضِعٍ يَحْتَاجُ فِيهِ الْمُشْتَرِي إِلَى اسْتِبْرَاءٍ مُسْتَقِلٍّ لَا يُجْزِئُ إِلَّا حَيْضَةٌ، لَمْ يُوجَدْ مُعْظَمُهَا عِنْدَ الْبَائِعِ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى اسْتِبْرَاءٍ مُسْتَقِلٍّ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى حَيْضَةٍ وَلَا بَعْضِهَا، وَلَا اعْتِبَارَ بِالِاسْتِبْرَاءِ قَبْلَ الْبَيْعِ، كَهَذِهِ الصُّوَرِ وَنَحْوِهَا.
[فصل اسْتِبْرَاءُ الْمَسْبِيَّةِ الْحَامِلِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ]
فَصْلٌ
الْحُكْمُ الرَّابِعُ: أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا، فَاسْتِبْرَاؤُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ، وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ حُكْمُ النَّصِّ، فَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأُمَّةِ.
[فصل لَا يَجُوزُ وَطْءُ الْمَسْبِيَّةِ الْحَامِلِ قَبْلَ وَضْعِ حَمْلِهَا]
الْحُكْمُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا قَبْلَ وَضْعِ حَمْلِهَا، أَيِّ حَمْلٍ كَانَ، سَوَاءٌ كَانَ يَلْحَقُ بِالْوَاطِئِ، كَحَمْلِ الزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ، وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةِ، أَوْ لَا يَلْحَقُ بِهِ، كَحَمْلِ الزَّانِيَةِ، فَلَا يَحِلُّ وَطْءُ حَامِلٍ مِنْ غَيْرِ الْوَاطِئِ الْبَتَّةَ، كَمَا صَرَّحَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute