وَيُوَسِّعُ الْمَجَارِيَ وَيَجْعَلُهَا مُسْتَعِدَّةً لِلْفَضَلَاتِ الْمُؤْذِيَةِ.
وَأَنْفَعُ أَوْقَاتِهِ مَا كَانَ بَعْدَ انْهِضَامِ الْغِذَاءِ فِي الْمَعِدَةِ، وَفِي زَمَانٍ مُعْتَدِلٍ لَا عَلَى جُوعٍ، فَإِنَّهُ يُضْعِفُ الْحَارَّ الْغَرِيزِيَّ، وَلَا عَلَى شِبَعٍ، فَإِنَّهُ يُوجِبُ أَمْرَاضًا شَدِيدَةً، وَلَا عَلَى تَعَبٍ، وَلَا إِثْرَ حَمَّامٍ، وَلَا اسْتِفْرَاغٍ، وَلَا انْفِعَالٍ نَفْسَانِيٍّ كَالْغَمِّ وَالْهَمِّ وَالْحُزْنِ وَشِدَّةِ الْفَرَحِ.
وَأَجْوَدُ أَوْقَاتِهِ بَعْدَ هَزِيعٍ مِنَ اللَّيْلِ إِذَا صَادَفَ انْهِضَامَ الطَّعَامِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ أَوْ يَتَوَضَّأُ، وَيَنَامُ عَلَيْهِ، وَيَنَامُ عَقِبَهُ، فَتَرَاجَعُ إِلَيْهِ قُوَاهُ، وَلْيَحْذَرِ الْحَرَكَةَ وَالرِّيَاضَةَ عَقِبَهُ، فَإِنَّهَا مُضِرَّةٌ جِدًّا.
[فَصْلٌ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِلَاجِ الْعِشْقِ]
فَصْلٌ
فِي هَدْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عِلَاجِ الْعِشْقِ
هَذَا مَرَضٌ مِنْ أَمْرَاضِ الْقَلْبِ، مُخَالِفٌ لِسَائِرِ الْأَمْرَاضِ فِي ذَاتِهِ وَأَسْبَابِهِ وَعِلَاجِهِ، وَإِذَا تَمَكَّنَ وَاسْتَحْكَمَ، عَزَّ عَلَى الْأَطِبَّاءِ دَوَاؤُهُ، وَأَعْيَا الْعَلِيلَ دَاؤُهُ، وَإِنَّمَا حَكَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ عَنْ طَائِفَتَيْنِ مِنَ النَّاسِ: مِنَ النِّسَاءِ، وَعُشَّاقِ الصِّبْيَانِ الْمُرْدَانِ، فَحَكَاهُ عَنِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ فِي شَأْنِ يُوسُفَ، وَحَكَاهُ عَنْ قَوْمِ لُوطٍ، فَقَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْهُمْ لَمَّا جَاءَتِ الْمَلَائِكَةُ لُوطًا: {وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ - قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ - وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ - قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ - قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ - لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: ٦٧ - ٧٢] [الْحِجْرِ: ٦٨:٧٣] .
وَأَمَّا مَا زَعَمَهُ بَعْضُ مَنْ لَمْ يُقَدِّرْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَقَّ قَدْرِهِ أَنَّهُ ابْتُلِيَ بِهِ فِي شَأْنِ زينب بنت جحش، وَأَنَّهُ رَآهَا فَقَالَ: ( «سُبْحَانَ مُقَلِّبِ الْقُلُوبِ» ) . وَأَخَذَتْ بِقَلْبِهِ، وَجَعَلَ يَقُولُ لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ: أَمْسِكْهَا حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الأحزاب: ٣٧]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute