تَنْتَقِبُ فِي عِدَّتِهَا، أَوْ تَدَّهِنُ فِي عِدَّتِهَا؟ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنَّمَا كُرِهَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ.
وَلَكِنْ قَدْ قَالَ أبو داود فِي " مَسَائِلِهِ "، عَنِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَالْمُحْرِمَةِ تَجْتَنِبْنَ الطِّيبَ وَالزِّينَةَ.
فَجُعِلَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِمَنْزِلَةِ الْمُحْرِمَةِ فِيمَا تَجْتَنِبُهُ، فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهَا تَجْتَنِبُ النِّقَابَ، فَلَعَلَّ أَبَا الْقَاسِمِ أَخَذَ مِنْ نَصِّهِ هَذَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - وَبِهَذَا عَلَّلَهُ أبو محمد فِي " الْمُغْنِي " فَقَالَ فَصْلٌ الثَّالِثُ فِيمَا تَجْتَنِبُهُ الْحَادَّةُ النِّقَابَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِثْلَ الْبُرْقُعِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مُشَبَّهَةٌ بِالْمُحْرِمَةِ وَالْمُحْرِمَةُ تَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ.
وَإِذَا احْتَاجَتْ إِلَى سَتْرِ وَجْهِهَا سَدَلَتْ عَلَيْهِ كَمَا تَفْعَلُ الْمُحْرِمَةُ.
[فصل هَلْ تَلْبَسُ الْحَادَّةُ الثَّوْبَ إِذَا صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمَّ نُسِجَ]
فَصْلٌ
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ فِي الثَّوْبِ إِذَا صُبِغَ غَزْلُهُ، ثُمَّ نُسِجَ هَلْ لَهَا لَبْسُهُ؟ قِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ فِي الْمُغْنِي أَحَدُهُمَا: يَحْرُمُ لَبْسُهُ؛ لِأَنَّهُ أَحْسَنُ وَأَرْفَعُ، وَلِأَنَّهُ مَصْبُوغٌ لِلْحُسْنِ فَأَشْبَهُ مَا صُبِغَ بَعْدَ نَسْجِهِ، وَالثَّانِي: لَا يَحْرُمُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أم سلمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ( «إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ» ) ، وَهُوَ مَا صُبِغَ غَزْلُهُ قَبْلَ نَسْجِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي
قَالَ الشَّيْخُ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَأَمَّا الْعَصْبُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ نَبْتٌ تُصْبَغُ بِهِ الثِّيَابُ
قَالَ السهيلي: الْوَرْسُ وَالْعَصْبُ نَبْتَانِ بِالْيَمَنِ لَا يَنْبُتَانِ إِلَّا بِهِ، فَأَرْخَصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَادَّةِ فِي لُبْسِ مَا يُصْبَغُ بِالْعَصْبِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَا يُصْبَغُ لِغَيْرِ تَحْسِينٍ كَالْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ، فَلَا مَعْنَى لِتَجْوِيزِ لُبْسِهِ مَعَ حُصُولِ الزِّينَةِ بِصَبْغِهِ كَحُصُولِهَا بِمَا صُبِغَ بَعْدَ نَسْجِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[ذِكْرُ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ]
ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مسلم ": مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ بَعَثَ جَيْشًا إِلَى أَوْطَاسٍ فَلَقِيَ عَدُوًّا فَقَاتَلُوهُمْ فَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ وَأَصَابُوا سَبَايَا فَكَأَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحَرَّجُوا مِنْ غِشْيَانِهِنَّ مِنْ أَجْلِ أَزْوَاجِهِنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute