للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موسى، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَيْضًا.

فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقِيلَ لَهُمْ يَعْنِي لِلْعِرَاقِيِّينَ: لَمْ تَقُولُوا بِقَوْلِ مَنِ احْتَجَجْتُمْ بِقَوْلِهِ، وَرَوَيْتُمْ هَذَا عَنْهُ، وَلَا بِقَوْلِ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ عَلِمْنَاهُ؟ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَيْنَ خَالَفْنَاهُمْ؟ قُلْنَا. قَالُوا: حَتَّى تَغْتَسِلَ وَتَحِلَّ لَهَا الصَّلَاةُ، وَقُلْتُمْ: إِنْ فَرَّطَتْ فِي الْغُسْلِ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُ الصَّلَاةِ حَلَّتْ وَهِيَ لَمْ تَغْتَسِلْ، وَلَمْ تَحِلَّ لَهَا الصَّلَاةُ. انْتَهَى كَلَامُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ.

قَالُوا: وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا الْأَطْهَارُ فِي اللِّسَانِ قَوْلُ الأعشى:

أَفِي كُلِّ عَامٍ أَنْتَ جَاشِمُ غَزْوَةٍ ... تَشُدُّ لِأَقْصَاهَا عَزِيمَ عَزَائِكَا

مُوَرِّثَةٍ عِزًّا وَفِي الْحَيِّ رِفْعَةٌ ... لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا

فَالْقُرُوءُ فِي الْبَيْتِ: الْأَطْهَارُ، لِأَنَّهُ ضَيَّعَ أَطْهَارَهُنَّ فِي غَزَاتِهِ، وَآثَرَهَا عَلَيْهِنَّ.

قَالُوا: وَلِأَنَّ الطُّهْرَ أَسْبَقُ إِلَى الْوُجُودِ مِنَ الْحَيْضِ، فَكَانَ أَوْلَى بِالِاسْمِ، قَالُوا: فَهَذَا أَحَدُ الْمَقَامَيْنِ.

[فصل رَدُّ الْمُفَسِّرِينَ بِالْأَطْهَارِ عَلَى أَدِلَّةِ الْمُفَسِّرِينَ بِالْحَيْضِ]

وَأَمَّا الْمَقَامُ الْآخَرُ، وَهُوَ الْجَوَابُ عَنْ أَدِلَّتِكُمْ: فَنُجِيبُكُمْ بِجَوَابَيْنِ، مُجْمَلٍ وَمُفَصَّلٍ.

أَمَّا الْمُجْمَلُ: فَنَقُولُ: مَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، فَهُوَ أَعْلَمُ بِتَفْسِيرِهِ، وَبِمُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ سِوَاهُ، وَقَدْ فَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِدَّةَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ بِالْأَطْهَارِ، فَلَا الْتِفَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى شَيْءٍ خَالَفَهُ، بَلْ كُلُّ تَفْسِيرٍ يُخَالِفُ هَذَا فَبَاطِلٌ. قَالُوا: وَأَعْلَمُ الْأُمَّةِ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَزْوَاجُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَعْلَمُهُنَّ بِهَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا فِيهِنَّ لَا فِي الرِّجَالِ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ قَوْلَهُنَّ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>