قَوْلَيْنِ. وَهُوَ مُقَوٍّ لِلْكَبِدِ، مُلَيِّنٌ لِلطَّبْعِ، يَزِيدُ فِي الْبَاهِ، وَلَا سِيَّمَا مَعَ حَبِّ الصَّنَوْبَرِ، وَيُبْرِئُ مِنْ خُشُونَةِ الْحَلْقِ، وَمَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ كَأَهْلِ الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ فَإِنَّهُ يُورِثُ لَهُمُ السُّدَدَ، وَيُؤْذِي الْأَسْنَانَ، وَيُهَيِّجُ الصُّدَاعَ، وَدَفْعُ ضَرَرِهِ بِاللَّوْزِ وَالْخِشْخَاشِ، وَهُوَ مِنْ أَكْثَرِ الثِّمَارِ تَغْذِيَةً لِلْبَدَنِ بِمَا فِيهِ مِنَ الْجَوْهَرِ الْحَارِّ الرَّطْبِ، وَأَكْلُهُ عَلَى الرِّيقِ يَقْتُلُ الدُّودَ، فَإِنَّهُ مَعَ حَرَارَتِهِ فِيهِ قُوَّةٌ تِرْيَاقِيَّةٌ، فَإِذَا أُدِيمَ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الرِّيقِ، خَفَّفَ مَادَّةَ الدُّودِ، وَأَضْعَفَهُ وَقَلَّلَهُ، أَوْ قَتَلَهُ، وَهُوَ فَاكِهَةٌ وَغِذَاءٌ، وَدَوَاءٌ وَشَرَابٌ وَحَلْوَى.
[تِينٌ]
ٌ: لَمَّا لَمْ يَكُنِ التِّينُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ وَالْمَدِينَةِ، لَمْ يَأْتِ لَهُ ذِكْرٌ فِي السُّنَّةِ، فَإِنَّ أَرْضَهُ تُنَافِي أَرْضَ النَّخْلِ، وَلَكِنْ قَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ لِكَثْرَةِ مَنَافِعِهِ وَفَوَائِدِهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُقْسَمَ بِهِ: هُوَ التِّينُ الْمَعْرُوفُ.
وَهُوَ حَارٌّ، وَفِي رُطُوبَتِهِ وَيُبُوسَتِهِ قَوْلَانِ، وَأَجْوَدُهُ: الْأَبْيَضُ النَّاضِجُ الْقِشْرِ، يَجْلُو رَمْلَ الْكُلَى وَالْمَثَانَةِ، وَيُؤَمِّنُ مِنَ السُّمُومِ، وَهُوَ أَغْذَى مِنْ جَمِيعِ الْفَوَاكِهِ وَيَنْفَعُ خُشُونَةَ الْحَلْقِ وَالصَّدْرِ، وَقَصَبَةِ الرِّئَةِ، وَيَغْسِلُ الْكَبِدَ وَالطِّحَالَ، وَيُنَقِّي الْخَلْطَ الْبَلْغَمِيَّ مِنَ الْمَعِدَةِ، وَيَغْذُو الْبَدَنَ غِذَاءً جَيِّدًا، إِلَّا أَنَّهُ يُوَلِّدُ الْقَمْلَ إِذَا أُكْثِرَ مِنْهُ جِدًّا.
وَيَابِسُهُ يَغْذُو وَيَنْفَعُ الْعَصَبَ، وَهُوَ مَعَ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ مَحْمُودٌ، قَالَ: جالينوس: " وَإِذَا أُكِلَ مَعَ الْجَوْزِ وَالسَّذَابِ قَبْلَ أَخْذِ السُّمِّ الْقَاتِلِ، نَفَعَ وَحَفِظَ مِنَ الضَّرَرِ.
وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: ( «أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَبَقٌ مِنْ تِينٍ، فَقَالَ: " كُلُوا " وَأَكَلَ مِنْهُ، وَقَالَ: " لَوْ قُلْتُ: إِنَّ فَاكِهَةً نَزَلَتْ مِنَ الْجَنَّةِ قُلْتُ: هَذِهِ لِأَنَّ فَاكِهَةَ الْجَنَّةِ بِلَا عَجَمٍ، فَكُلُوا مِنْهَا فَإِنَّهَا تَقْطَعُ الْبَوَاسِيرَ، وَتَنْفَعُ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute