للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِي وَيَرْحَمَنِي، وَأَنْ يَجْعَلَ غِنَايَ فِي قَلْبِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقْبَلَ إِلَى الْغُلَامِ -: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَاجْعَلْ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ " ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِمِثْلِ مَا أَمَرَ بِهِ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَانْطَلَقُوا رَاجِعِينَ إِلَى أَهْلِيهِمْ، ثُمَّ وَافَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَوْسِمِ بِمِنًى سَنَةَ عَشْرٍ، فَقَالُوا: نَحْنُ بَنُو أَبْذَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا فَعَلَ الْغُلَامُ الَّذِي أَتَانِي مَعَكُمْ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْنَا مِثْلَهُ قَطُّ، وَلَا حُدِّثْنَا بِأَقْنَعَ مِنْهُ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ، لَوْ أَنَّ النَّاسَ اقْتَسَمُوا الدُّنْيَا مَا نَظَرَ نَحْوَهَا، وَلَا الْتَفَتَ إِلَيْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَمُوتَ جَمِيعًا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: أَوَلَيْسَ يَمُوتُ الرَّجُلُ جَمِيعًا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَشَعَّبُ أَهْوَاؤُهُ وَهُمُومُهُ فِي أَوْدِيَةِ الدُّنْيَا، فَلَعَلَّ أَجَلَهُ أَنْ يُدْرِكَهُ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْأَوْدِيَةِ، فَلَا يُبَالِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيِّهَا هَلَكَ» " قَالُوا: فَعَاشَ ذَلِكَ الْغُلَامُ فِينَا عَلَى أَفْضَلِ حَالٍ وَأَزْهَدِهِ فِي الدُّنْيَا، وَأَقْنَعِهِ بِمَا رُزِقَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَجَعَ مَنْ رَجَعَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ عَنِ الْإِسْلَامِ، قَامَ فِي قَوْمِهِ فَذَكَّرَهُمُ اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَذْكُرُهُ، وَيَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى بَلَغَهُ حَالُهُ، وَمَا قَامَ بِهِ فَكَتَبَ إِلَى زياد بن لبيد يُوصِيهِ بِهِ خَيْرًا) .

[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ بَنِي سَعْدِ هُذَيْمٍ مِنْ قُضَاعَةَ]

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: عَنْ أبي النعمان عَنْ أَبِيهِ مِنْ بَنِي سَعْدِ هُذَيْمٍ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَافِدًا فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي، وَقَدْ أَوْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبِلَادَ غَلَبَةً، وَأَدَاخَ الْعَرَبَ، وَالنَّاسُ صِنْفَانِ: إِمَّا دَاخِلٌ فِي الْإِسْلَامِ رَاغِبٌ فِيهِ، وَإِمَّا خَائِفٌ مِنَ السَّيْفِ، فَنَزَلْنَا نَاحِيَةً مِنَ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ خَرَجْنَا نَؤُمُّ الْمَسْجِدَ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَابِهِ، فَنَجِدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَقُمْنَا نَاحِيَةً، وَلَمْ نَدْخُلْ مَعَ النَّاسِ فِي صَلَاتِهِمْ حَتَّى نَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُبَايِعَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>