الرَّضَاعَةِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أُخْتُكَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، قَالَ: وَمَا عَلَامَةُ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: عَضَّةٌ عَضَضْتَنِيهَا فِي ظَهْرِي، وَأَنَا مُتَوَرِّكَتُكَ. قَالَ: فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَلَامَةَ فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ، وَأَجْلَسَهَا عَلَيْهِ، وَخَيَّرَهَا، فَقَالَ: (إِنْ أَحْبَبْتِ الْإِقَامَةَ فَعِنْدِي مُحَبَّبَةً مُكَرَّمَةً، وَإِنْ أَحْبَبْتِ أَنْ أُمَتِّعَكِ فَتَرْجِعِي إِلَى قَوْمِكِ "؟ قَالَتْ: بَلْ تُمَتِّعُنِي وَتَرُدَّنِي إِلَى قَوْمِي، فَفَعَلَ» ) ، فَزَعَمَتْ بَنُو سَعْدٍ أَنَّهُ أَعْطَاهَا غُلَامًا يُقَالُ لَهُ مكحول وَجَارِيَةً، فَزَوَّجَتْ إِحْدَاهُمَا مِنَ الْآخَرِ، فَلَمْ يَزَلْ فِيهِمْ مِنْ نَسْلِهِمَا بَقِيَّةٌ. وَقَالَ أبو عمر: فَأَسْلَمَتْ فَأَعْطَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ، وَجَارِيَةً، وَنَعَمًا، وَشَاءً، وَسَمَّاهَا حذافة. وَقَالَ: والشيماء لَقَبٌ.
[فصل في قُدُومُ وَفْدِ هَوَازِنَ]
فَصْلٌ
وَقَدِمَ وَفْدُ هَوَازِنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، وَرَأْسُهُمْ زهير بن صرد، وَفِيهِمْ أبو برقان عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّبْيِ وَالْأَمْوَالِ، فَقَالَ: ( «إِنَّ مَعِي مَنْ تَرَوْنَ، وَإِنَّ أَحَبَّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَأَبْنَاؤُكُمْ وَنِسَاؤُكُمْ أَحَبُّ إِلَيْكُمْ، أَمْ أَمْوَالُكُمْ؟ " قَالُوا: مَا كُنَّا نَعْدِلُ بِالْأَحْسَابِ شَيْئًا، فَقَالَ: إِذَا صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ فَقُومُوا فَقُولُوا: إِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَنَسْتَشْفِعُ بِالْمُؤْمِنِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَرُدُّوا عَلَيْنَا سَبْيَنَا "، فَلَمَّا صَلَّى الْغَدَاةَ قَامُوا فَقَالُوا ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ، وَسَأَسْأَلُ لَكُمُ النَّاسَ، فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ: مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ الأقرع بن حابس: أَمَّا أَنَا وَبَنُو تَمِيمٍ فَلَا، وَقَالَ عيينة بن حصن: أَمَّا أَنَا وَبَنُو فَزَارَةَ فَلَا، وَقَالَ العباس بن مرداس: أَمَا أَنَا وَبَنُو سُلَيْمٍ فَلَا، فَقَالَتْ بَنُو سُلَيْمٍ: مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ العباس بن مرداس: وَهَّنْتُمُونِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ قَدْ جَاءُوا مُسْلِمِينَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ سَبْيَهُمْ، وَقَدْ خَيَّرْتُهُمْ فَلَمْ يَعْدِلُوا بِالْأَبْنَاءِ وَالنِّسَاءِ شَيْئًا، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَطَابَتْ نَفْسُهُ بِأَنْ يَرُدَّهُ فَسَبِيلُ ذَلِكَ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْتَمْسِكَ بِحَقِّهِ فَلْيَرُدَّ عَلَيْهِمْ وَلَهُ بِكُلِّ فَرِيضَةٍ سِتُّ فَرَائِضَ مِنْ أَوَّلِ مَا يَفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا، فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ: إِنَّا لَا نَعْرِفُ مَنْ رَضِيَ مِنْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَرْضَ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ فَرَدُّوا عَلَيْهِمْ نِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ» ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute