للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي شَرْحِ مَعَانِي أَسْمَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]

فَصْلٌ

فِي شَرْحِ مَعَانِي أَسْمَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

أَمَّا مُحَمَّدٌ، فَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ حَمِدَ فَهُوَ مُحَمَّدٌ، إِذَا كَانَ كَثِيرَ الْخِصَالِ الَّتِي يُحْمَدُ عَلَيْهَا، وَلِذَلِكَ كَانَ أَبْلَغَ مِنْ مَحْمُودٍ، فَإِنَّ مَحْمُودًا مِنَ الثَّلَاثِيِّ الْمُجَرَّدِ، وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْمُضَاعَفِ لِلْمُبَالَغَةِ، فَهُوَ الَّذِي يُحْمَدُ أَكْثَرَ مِمَّا يُحْمَدُ غَيْرُهُ مِنَ الْبَشَرِ، وَلِهَذَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - سُمِّيَ بِهِ فِي التَّوْرَاةِ لِكَثْرَةِ الْخِصَالِ الْمَحْمُودَةِ الَّتِي وُصِفَ بِهَا هُوَ وَدِينُهُ وَأُمَّتُهُ فِي التَّوْرَاةِ، حَتَّى تَمَنَّى مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ، وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى بِشَوَاهِدِهِ هُنَاكَ، وَبَيَّنَّا غَلَطَ أبي القاسم السهيلي حَيْثُ جَعَلَ الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ، وَأَنَّ اسْمَهُ فِي التَّوْرَاةِ أَحْمَدُ.

وَأَمَّا أَحْمَدُ، فَهُوَ اسْمٌ عَلَى زِنَةِ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ مُشْتَقٌّ أَيْضًا مِنَ الْحَمْدِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ هَلْ هُوَ بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَوْ مَفْعُولٍ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ، أَيْ حَمْدُهُ لِلَّهِ أَكْثَرُ مِنْ حَمْدِ غَيْرِهِ لَهُ، فَمَعْنَاهُ: أَحْمَدُ الْحَامِدِينَ لِرَبِّهِ، وَرَجَّحُوا هَذَا الْقَوْلَ بِأَنَّ قِيَاسَ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ أَنْ يُصَاغَ مِنْ فِعْلِ الْفَاعِلِ لَا مِنَ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ عَلَى الْمَفْعُولِ، قَالُوا: وَلِهَذَا لَا يُقَالُ مَا أَضْرَبَ زَيْدًا، وَلَا زَيْدٌ أَضْرَبُ مِنْ عَمْرٍو، بِاعْتِبَارِ الضَّرْبِ الْوَاقِعِ عَلَيْهِ، وَلَا: مَا أَشْرَبَهُ لِلْمَاءِ، وَآكَلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>