للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِحْرَامًا مُسْتَأْنَفًا، فَالْأَحَادِيثُ تَرُدُّ قَوْلَهُ وَهُوَ غَلَطٌ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ تَمَتَّعَ تَمَتُّعًا لَمْ يَحِلَّ مِنْهُ، بَلْ بَقِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ لِأَجْلِ سَوْقِ الْهَدْيِ، فَالْأَحَادِيثُ الْكَثِيرَةُ تَرُدُّ قَوْلَهُ أَيْضًا، وَهُوَ أَقَلُّ غَلَطًا، وَإِنْ أَرَادَ تَمَتُّعَ الْقِرَانِ فَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ وَيَأْتَلِفُ بِهِ شَمْلُهَا، وَيَزُولُ عَنْهَا الْإِشْكَالُ وَالِاخْتِلَافُ.

[غَلَطُ النَّاسِ فِي عُمَرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]

فَصْلٌ

غَلِطَ فِي عُمَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسُ طَوَائِفَ.

إِحْدَاهَا: مَنْ قَالَ: إِنَّهُ اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ، وَهَذَا غَلَطٌ، فَإِنَّ عُمَرَهُ مَضْبُوطَةٌ مَحْفُوظَةٌ، لَمْ يَخْرُجْ فِي رَجَبٍ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا الْبَتَّةَ.

الثَّانِيَةُ: مَنْ قَالَ: إِنَّهُ اعْتَمَرَ فِي شَوَّالٍ وَهَذَا أَيْضًا وَهْمٌ، وَالظَّاهِرُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ غَلِطَ فِي هَذَا، وَأَنَّهُ اعْتَكَفَ فِي شَوَّالٍ فَقَالَ: اعْتَمَرَ فِي شَوَّالٍ، لَكِنَّ سِيَاقَ الْحَدِيثِ، وَقَوْلَهُ: «اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ عُمَرٍ: عُمْرَةً فِي شَوَّالٍ، وَعُمْرَتَيْنِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ» ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَائِشَةَ أَوْ مَنْ دُونَهَا، إِنَّمَا قَصَدَ الْعُمْرَةَ.

الثَّالِثَةُ: مَنْ قَالَ: إِنَّهُ اعْتَمَرَ مِنَ التَّنْعِيمِ بَعْدَ حَجِّهِ، وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا يَظُنُّهُ الْعَوَامُّ، وَمَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ بِالسُّنَّةِ.

الرَّابِعَةُ: مَنْ قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَعْتَمِرْ فِي حَجَّتِهِ أَصْلًا، وَالسُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ الْمُسْتَفِيضَةُ الَّتِي لَا يُمْكِنُ رَدُّهَا تُبْطِلُ هَذَا الْقَوْلَ.

الْخَامِسَةُ: مَنْ قَالَ: إِنَّهُ اعْتَمَرَ عُمْرَةً حَلَّ مِنْهَا، ثُمَّ أَحْرَمَ بَعْدَهَا بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ، وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ تُبْطِلُ هَذَا الْقَوْلَ وَتَرُدُّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>