وَهَذَا نَظِيرُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ قَسْمِهِ، قُسِمَ لَهُ فِي أَحَدِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أحمد، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، فَثُبُوتُ النَّسَبِ هَاهُنَا بِمَنْزِلَةِ الْإِسْلَامِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمِيرَاثِ.
قَوْلُهُ: " وَلَا يَلْحَقُ إِذَا كَانَ أَبُوهُ الَّذِي يُدْعَى لَهُ أَنْكَرَهُ " هَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ التَّنَازُعَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ، وَأَنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى أَنْ يَسْتَلْحِقَهُ وَرَثَةُ أَبِيهِ الَّذِي كَانَ يُدْعَى لَهُ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ إِذَا اسْتَلْحَقَهُ وَرَثَتُهُ وَأَبُوهُ الَّذِي يُدْعَى لَهُ كَانَ يُنْكِرُ، فَإِنَّهُ لَا يُلْحَقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الَّذِي الْوَرَثَةُ خَلَفٌ عَنْهُ مُنْكِرٌ لَهُ، فَكَيْفَ يُلْحَقُ بِهِ مَعَ إِنْكَارِهِ؟ فَهَذَا إِذَا كَانَ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا، أَمَّا إِذَا كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا، أَوْ مِنْ حُرَّةٍ عَاهَرَ بِهَا، فَإِنَّهُ لَا يُلْحَقُ وَلَا يَرِثُ وَإِنِ ادَّعَاهُ الْوَاطِئُ وَهُوَ وَلَدٌ زَنْيَةٍ مِنْ أَمَةٍ كَانَ أَوْ مِنْ حُرَّةٍ، وَهَذَا حُجَّةُ الْجُمْهُورِ عَلَى إسحاق وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِالزَّانِي إِذَا ادَّعَاهُ، وَلَا يَرِثُهُ، وَأَنَّهُ وَلَدُ زِنًى لِأَهْلِ أُمِّهِ مَنْ كَانُوا، حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً.
وَأَمَّا مَا اقْتُسِمَ مِنْ مَالٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَقَدْ مَضَى، فَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ قَوْلَ إسحاق وَمَنْ وَافَقَهُ، لَكِنَّ فِيهِ مُحَمَّدَ بْنَ رَاشِدٍ، وَنَحْنُ نَحْتَجُّ بِعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، فَلَا يُعَلَّلُ الْحَدِيثُ بِهِ، فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ تَعَيَّنَ الْقَوْلُ بِمُوجَبِهِ، وَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ إسحاق وَمَنْ مَعَهُ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
[ذِكْرُ الْحُكْمِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ وَقَعُوا عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ ثُمَّ تَنَازَعُوا الْوَلَدَ]
َ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فِيهِ، ثُمَّ بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ
ذَكَرَ أبو داود وَالنَّسَائِيُّ فِي " سُنَنِهِمَا " مِنْ حَدِيثِ عبد الله بن الخليل، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ( «كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيُمْنِ فَقَالَ: إِنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أَتَوْا عليا يَخْتَصِمُونَ إِلَيْهِ فِي وَلَدٍ قَدْ وَقَعُوا عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ لِاثْنَيْنِ: طِيبَا بِالْوَلَدِ لِهَذَا، فَغَلَيَا، ثُمَّ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute