الشَّامِ، وَبَيْنَ بُوَاطٍ وَالْمَدِينَةِ نَحْوُ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ، فَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا فَرَجَعَ.
[فصل في خُرُوجُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِ كُرْزٍ الْفِهْرِيِّ]
فَصْلٌ
ثُمَّ خَرَجَ عَلَى رَأْسِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ مُهَاجَرِهِ يَطْلُبُ كرز بن جابر الفهري، وَحَمَلَ لِوَاءَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ أَبْيَضَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، وَكَانَ كرز قَدْ أَغَارَ عَلَى سَرْحِ الْمَدِينَةِ، فَاسْتَاقَهُ وَكَانَ يَرْعَى بِالْحِمَى، فَطَلَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَلَغَ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ: سَفَوَانُ مِنْ نَاحِيَةِ بَدْرٍ، وَفَاتَهُ كرز وَلَمْ يَلْحَقْهُ، فَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ.
[فصل في غَزْوَةُ الْعُشَيْرَةِ]
ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ عَلَى رَأْسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَحَمَلَ لِوَاءَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَ أَبْيَضَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيَّ، وَخَرَجَ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، وَيُقَالُ: فِي مِائَتَيْنِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَلَمْ يُكْرِهْ أَحَدًا عَلَى الْخُرُوجِ، وَخَرَجُوا عَلَى ثَلَاثِينَ بَعِيرًا يَعْتَقِبُونَهَا يَعْتَرِضُونَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ ذَاهِبَةً إِلَى الشَّامِ، وَقَدْ كَانَ جَاءَهُ الْخَبَرُ بِفُصُولِهَا مِنْ مَكَّةَ فِيهَا أَمْوَالٌ لِقُرَيْشٍ، فَبَلَغَ ذَا الْعُشَيْرَةِ، وَقِيلَ: الْعُشَيْرَاءِ بِالْمَدِّ. وَقِيلَ: الْعُسَيْرَةِ بِالْمُهْمَلَةِ، وَهِيَ بِنَاحِيَةِ يَنْبُعَ، وَبَيْنَ يَنْبُعَ وَالْمَدِينَةِ تِسْعَةُ بُرُدٍ، فَوَجَدَ الْعِيرَ قَدْ فَاتَتْهُ بِأَيَّامٍ، وَهَذِهِ هِيَ الْعِيرُ الَّتِي خَرَجَ فِي طَلَبِهَا حِينَ رَجَعَتْ مِنَ الشَّامِ، وَهِيَ الَّتِي وَعَدَهُ اللَّهُ إِيَّاهَا، أَوِ الْمُقَاتَلَةَ، وَذَاتَ الشَّوْكَةِ، وَوَفَّى لَهُ بِوَعْدِهِ.
وَفِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ، وَادَعَ بَنِي مُدْلِجٍ وَحُلَفَاءَهُمْ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ.
قَالَ عبد المؤمن بن خلف الْحَافِظُ: وَفِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ كَنَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليا أَبَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute