للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ اعْتِبَارُ الْحُكْمِ بِالْقَافَةِ فِي الْإِلْحَاقِ بِالنَّسَبِ]

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «أَبْصِرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لهلال بن أمية، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لشريك ابن سحماء» ) إِرْشَادٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى اعْتِبَارِ الْحُكْمِ بِالْقَافَةِ، وَأَنَّ لِلشَّبَهِ مَدْخَلًا فِي مَعْرِفَةِ النَّسَبِ وَإِلْحَاقِ الْوَلَدِ بِمَنْزِلَةِ الشَّبَهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْحَقْ بِالْمُلَاعِنِ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ الشَّبَهَ لَهُ لِمُعَارَضَةِ اللِّعَانِ الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنَ الشَّبَهِ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ.

[فصل مَنْ قَتَلَ رَجُلًا فِي دَارِهِ مُدَّعِيًا زِنَاهُ بِحَرِيمِهِ قُتِلَ بِهِ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارِ الْوَلِيِّ]

فَصْلٌ

وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: ( «لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ بِهِ» ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا فِي دَارِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهُ مَعَ امْرَأَتِهِ أَوْ حَرِيمِهِ قُتِلَ فِيهِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، إِذْ لَوْ قُبِلَ قَوْلُهُ لَأُهْدِرَتِ الدِّمَاءُ، وَكَانَ كُلُّ مَنْ أَرَادَ قَتْلَ رَجُلٍ أَدْخَلَهُ دَارَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهُ مَعَ امْرَأَتِهِ.

وَلَكِنْ هَاهُنَا مَسْأَلَتَانِ يَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا: إِحْدَاهُمَا: هَلْ يَسَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَقْتُلَهُ أَمْ لَا؟ وَالثَّانِي: هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ أَمْ لَا؟ وَبِهَذَا التَّفْرِيقِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ فِيمَا نُقِلَ عَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ، حَتَّى جَعَلَهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَسْأَلَةَ نِزَاعٍ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَقَالَ: مَذْهَبُ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ، وَمَذْهَبُ علي: أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ، وَالَّذِي غَرَّهُ مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي " سُنَنِهِ (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَيْنَا هُوَ يَوْمًا يَتَغَدَّى إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ يَعْدُو وَفِي يَدِهِ سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بِدَمٍ وَوَرَاءَهُ قَوْمٌ يَعْدُونَ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ مَعَ عمر، فَجَاءَ الْآخَرُونَ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ هَذَا قَتَلَ صَاحِبَنَا، فَقَالَ لَهُ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي ضَرَبْتُ بَيْنَ فَخِذَيِ امْرَأَتِي، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ فَقَدْ قَتَلْتُهُ، فَقَالَ عمر: مَا تَقُولُونَ؟ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ ضَرَبَ بِالسَّيْفِ فَوَقَعَ فِي وَسَطِ الرَّجُلِ وَفَخِذَيِ الْمَرْأَةِ، فَأَخَذَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَيْفَهُ فَهَزَّهُ، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيْهِ وَقَالَ: إِنْ عَادُوا فَعُدْ) فَهَذَا مَا نُقِلَ عَنْ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَأَمَّا علي فَسُئِلَ عَمَّنْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ فَقَالَ: إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>