للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الزُّهْرِيُّ، وعاصم بن عمر، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ: كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ يَوْمَ بَلَاءٍ وَتَمْحِيصٍ، اخْتَبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَظْهَرَ بِهِ الْمُنَافِقِينَ مِمَّنْ كَانَ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ بِلِسَانِهِ، وَهُوَ مُسْتَخْفٍ بِالْكُفْرِ، فَأَكْرَمَ اللَّهُ فِيهِ مَنْ أَرَادَ كَرَامَتَهُ بِالشَّهَادَةِ مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ، فَكَانَ مِمَّا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي يَوْمِ أُحُدٍ سِتُّونَ آيَةً مِنْ آلِ عِمْرَانَ، أَوَّلُهَا: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} [آل عمران: ١٢١] [آلِ عِمْرَانَ: ١٢١] إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ.

[فَصْلٌ فِيمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْغَزَاةُ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْفِقْهِ]

مِنْهَا: أَنَّ الْجِهَادَ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، حَتَّى إِنَّ مَنْ لَبِسَ لَأْمَتَهُ وَشَرَعَ فِي أَسْبَابِهِ، وَتَأَهَّبَ لِلْخُرُوجِ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنِ الْخُرُوجِ حَتَّى يُقَاتِلَ عَدُوَّهُ.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِذَا طَرَقَهُمْ عَدُوُّهُمْ فِي دِيَارِهِمُ الْخُرُوجُ إِلَيْهِ، بَلْ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَلْزَمُوا دِيَارَهُمْ، وَيُقَاتِلُوهُمْ فِيهَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ أَنْصَرَ لَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ، كَمَا أَشَارَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ يَوْمَ أُحُدٍ.

وَمِنْهَا: جَوَازُ سُلُوكِ الْإِمَامِ بِالْعَسْكَرِ فِي بَعْضِ أَمْلَاكِ رَعِيَّتِهِ إِذَا صَادَفَ ذَلِكَ طَرِيقَهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمَالِكُ.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَا يَأْذَنُ لِمَنْ لَا يُطِيقُ الْقِتَالَ مِنَ الصِّبْيَانِ غَيْرِ الْبَالِغِينَ، بَلْ يَرُدُّهُمْ إِذَا خَرَجُوا، كَمَا رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ عُمَرَ وَمَنْ مَعَهُ.

وَمِنْهَا: جَوَازُ الْغَزْوِ بِالنِّسَاءِ، وَالِاسْتِعَانَةِ بِهِنَّ فِي الْجِهَادِ.

وَمِنْهَا: جَوَازُ الِانْغِمَاسِ فِي الْعَدُوِّ، كَمَا انْغَمَسَ أنس بن النضر وَغَيْرُهُ.

وَمِنْهَا: أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا أَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ صَلَّى بِهِمْ قَاعِدًا، وَصَلَّوْا وَرَاءَهُ قُعُودًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>