وَلَدِهَا، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَقَدْ أَضَافَ إِلَى ذَلِكَ بَهْتَهَا بِهَذِهِ الْفِرْيَةِ الْعَظِيمَةِ، وَإِحْرَاقَ قَلْبِهَا بِهَا، وَالْمَرْأَةُ إِنْ كَانَتْ صَادِقَةً فَقَدْ أَكْذَبَتْهُ عَلَى رُءُوسٍ الْأَشْهَادِ وَأَوْجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَةَ اللَّهِ. وَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَقَدْ أَفْسَدَتْ فِرَاشَهُ وَخَانَتْهُ فِي نَفْسِهَا، وَأَلْزَمَتْهُ الْعَارَ وَالْفَضِيحَةَ، وَأَحْوَجَتْهُ إِلَى هَذَا الْمَقَامِ الْمُخْزِي، فَحَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ مِنَ النُّفْرَةِ وَالْوَحْشَةِ وَسُوءِ الظَّنِّ مَا لَا يَكَادُ يَلْتَئِمُ مَعَهُ شَمْلُهُمَا أَبَدًا، فَاقْتَضَتْ حِكْمَةُ مَنْ شَرْعُهُ كُلُّهُ حِكْمَةٌ وَمَصْلَحَةٌ وَعَدْلٌ وَرَحْمَةٌ تَحَتُّمَ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا وَقَطْعَ الصُّحْبَةِ الْمُتَمَحِّضَةِ مَفْسَدَةً.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ كَاذِبًا عَلَيْهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّطَ عَلَى إِمْسَاكِهَا مَعَ مَا صَنَعَ مِنَ الْقَبِيحِ إِلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمْسِكَهَا مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِهَا وَيَرْضَى لِنَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ زَوْجَ بَغِيٍّ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ لَوْ كَانَتْ أَمَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا، هَلْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ؟
قُلْنَا: لَا تَحِلُّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ مُؤَبَّدٌ، فَحُرِّمَتْ عَلَى مُشْتَرِيهَا كَالرِّضَاعِ، وَلِأَنَّ الْمُطَلِّقَ ثَلَاثًا إِذَا اشْتَرَى مُطَلَّقَتَهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ قَبْلَ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ، فَهَاهُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا التَّحْرِيمَ مُؤَبَّدٌ، وَتَحْرِيمُ الطَّلَاقِ غَيْرُ مُؤَبَّدٍ.
[فصل لَا يَسْقُطُ صَدَاقُ الْمُلَاعَنَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ]
فَصْلٌ
الْحُكْمُ الرَّابِعُ: أَنَّهَا لَا يَسْقُطُ صَدَاقُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ، فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا فَقَدِ اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا عِوَضَ الصَّدَاقِ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَأَوْلَى وَأَحْرَى.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ لَوْ وَقَعَ اللِّعَانُ قَبْلَ الدُّخُولِ هَلْ تَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْمَهْرِ أَوْ تَقُولُونَ يَسْقُطُ جُمْلَةً؟
قِيلَ: فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أحمد مَأْخَذُهُمَا: أَنَّ الْفُرْقَةَ إِذَا كَانَتْ بِسَبَبٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ كَلِعَانِهِمَا، أَوْ مِنْهُمَا وَمِنْ أَجْنَبِيٍّ كَشِرَائِهَا لِزَوْجِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَهَلْ يَسْقُطُ الصَّدَاقُ تَغْلِيبًا لِجَانِبِهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ مُسْتَقِلَّةً بِسَبَبِ الْفُرْقَةِ، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute