نِصْفُهُ تَغْلِيبًا لِجَانِبِهِ، وَأَنَّهُ هُوَ الْمُشَارِكُ فِي سَبَبِ الْإِسْقَاطِ، وَالسَّيِّدُ الَّذِي بَاعَهُ مُتَسَبِّبٌ إِلَى إِسْقَاطِهِ بِبَيْعِهِ إِيَّاهَا؟ فَهَذَا الْأَصْلُ فِيهِ قَوْلَانِ. وَكُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ نَصَّفَتِ الصَّدَاقَ كَطَلَاقِهِ، إِلَّا فَسْخَهُ لِعَيْبِهَا، أَوْ فَوَاتِ شَرْطٍ شَرَطَهُ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ كُلُّهُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي فَسَخَ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ مِنْهَا، وَهِيَ الْحَامِلَةُ لَهُ عَلَيْهِ. وَلَوْ كَانَتِ الْفُرْقَةُ بِإِسْلَامِهِ فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ أَوْ تُنَصِّفُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. فَوَجْهُ إِسْقَاطِهِ أَنَّهُ فَعَلَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ، وَهِيَ الْمُمْتَنِعَةُ مَنْ فِعْلِ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا، فَهِيَ الْمُتَسَبِّبَةُ إِلَى إِسْقَاطِ صَدَاقِهَا بِامْتِنَاعِهَا مِنَ الْإِسْلَامِ، وَوَجْهُ التَّنْصِيفِ أَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ مِنْ جِهَتِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ فِي الْخُلْعِ هَلْ يُنَصِّفُهُ أَوْ يُسْقِطُهُ؟ . قِيلَ: إِنْ قُلْنَا: هُوَ طَلَاقٌ نَصَّفَهُ، وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ فَسْخٌ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: فِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: كَذَلِكَ تَغْلِيبًا لِجَانِبِهِ. وَالثَّانِي: يُسْقِطُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِسَبَبِ الْفَسْخِ، وَعِنْدِي أَنَّهُ إِنْ كَانَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ نَصَّفَهُ وَجْهًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا فَفِيهِ وَجْهَانِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ لَوْ كَانَتِ الْفُرْقَةُ بِشِرَائِهِ لِزَوْجَتِهِ مِنْ سَيِّدِهَا: هَلْ يُسْقِطُهُ أَوْ يُنَصِّفُهُ؟
قِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يُسْقِطُهُ؛ لِأَنَّ مُسْتَحِقَّ مَهْرِهَا تَسَبَّبَ إِلَى إِسْقَاطِهِ بِبَيْعِهَا. وَالثَّانِي: يُنَصِّفُهُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ تَسَبَّبَ إِلَيْهِ بِالشِّرَاءِ، وَكُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مَنْ قِبَلِهَا كَرِدَّتِهَا وَإِرْضَاعِهَا مَنْ يَفْسَخُ إِرْضَاعُهُ نِكَاحَهَا، وَفَسْخِهَا لِإِعْسَارِهِ أَوْ عَيْبِهِ، فَإِنَّهُ يُسْقِطُ مَهْرَهَا.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قُلْتُمْ: إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا فَسَخَتْ لِعَيْبٍ فِي الزَّوْجِ سَقَطَ مَهْرُهَا، إِذِ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا، وَقُلْتُمْ: إِنَّ الزَّوْجَ إِذَا فَسَخَ لِعَيْبٍ فِي الْمَرْأَةِ سَقَطَ أَيْضًا، وَلَمْ تَجْعَلُوا الْفَسْخَ مِنْ جِهَتِهِ فَتُنَصِّفُوهُ كَمَا جَعَلْتُمُوهُ لِفَسْخِهَا لِعَيْبِهِ مِنْ جِهَتِهَا فَأَسْقَطْتُمُوهُ، فَمَا الْفَرْقُ؟ قِيلَ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إِنَّمَا بَذَلَ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ بُضْعٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute