للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَرَامٌ إِلَّا الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورَاتِ فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ، وَهُنَّ بَنَاتُ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَبَنَاتُ الْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ.

[فَصْلٌ الْإِشْكَالُ الْوَارِدُ فِي اسْتِثْنَاءِ مِلْكِ الْيَمِينِ مِنْ تَحْرِيمِ الْمُتَزَوَّجَاتِ]

فَصْلٌ

وَمِمَّا حَرَّمَهُ النَّصُّ نِكَاحُ الْمُزَوَّجَاتِ وَهُنَّ الْمُحْصَنَاتُ، وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مِلْكَ الْيَمِينِ، فَأَشْكَلَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، فَإِنَّ الْأَمَةَ الْمُزَوَّجَةَ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا عَلَى مَالِكِهَا، فَأَيْنَ مَحَلُّ الِاسْتِثْنَاءِ؟ .

فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ مُنْقَطِعٌ، أَيْ لَكِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، وَرُدَّ هَذَا لَفْظًا وَمَعْنًى، أَمَّا اللَّفْظُ فَإِنَّ الِانْقِطَاعَ إِنَّمَا يَقَعُ حَيْثُ يَقَعُ التَّفْرِيغُ، وَبَابُهُ غَيْرُ الْإِيجَابِ مِنَ النَّفْيِ وَالنَّهْيِ وَالِاسْتِفْهَامِ، فَلَيْسَ الْمَوْضِعُ مَوْضِعَ انْقِطَاعٍ، وَأَمَّا الْمَعْنَى: فَإِنَّ الْمُنْقَطِعَ لَا بُدَّ فِيهِ مَنْ رَابِطٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِحَيْثُ يَخْرُجُ مَا تُوُهِّمَ دُخُولُهُ فِيهِ بِوَجْهٍ مَا، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ: مَا بِالدَّارِ مِنْ أَحَدٍ، دَلَّ عَلَى انْتِفَاءِ مَنْ بِهَا بِدَوَابِّهِمْ وَأَمْتِعَتِهِمْ، فَإِذَا قُلْتَ: إِلَّا حِمَارًا أَوْ إِلَّا الْأَثَافِيَّ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، أَزَلْتَ تَوَهُّمَ دُخُولِ الْمُسْتَثْنَى فِي حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ. وَأَبْيَنُ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا} [مريم: ٦٢] [مَرْيَمَ: ٦٢] فَاسْتِثْنَاءُ السَّلَامِ أَزَالَ تَوَهُّمَ نَفْيِ السَّمَاعِ الْعَامِّ، فَإِنَّ عَدَمَ سَمَاعِ اللَّغْوِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِعَدَمِ سَمَاعِ كَلَامٍ مَا، وَأَنْ يَكُونَ مَعَ سَمَاعِ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُزَوَّجَةِ مَا يُوهِمُ تَحْرِيمَ وَطْءِ الْإِمَاءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ حَتَّى يُخْرِجَهُ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلِ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى بَابِهِ، وَمَتَى مَلَكَ الرَّجُلُ الْأَمَةَ الْمُزَوَّجَةَ كَانَ مِلْكُهُ طَلَاقًا لَهَا، وَحَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَهِيَ مَسْأَلَةُ بَيْعِ الْأَمَةِ: هَلْ يَكُونُ طَلَاقًا لَهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ مَذْهَبَانِ لِلصَّحَابَةِ: فَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرَاهُ طَلَاقًا وَيَحْتَجُّ لَهُ بِالْآيَةِ، وَغَيْرُهُ يَأْبَى ذَلِكَ وَيَقُولُ: كَمَا يُجَامِعُ الْمِلْكَ السَّابِقَ لِلنَّكَاحِ اللَّاحِقَ اتِّفَاقًا وَلَا يَتَنَافَيَانِ، كَذَلِكَ الْمِلْكُ اللَّاحِقُ لَا يُنَافِي النِّكَاحَ السَّابِقَ، قَالُوا: وَقَدْ خَيَّرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>