الْمَدِينَةَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، ثُمَّ أَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَطْنِ غَرَّانَ وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ بِلَادِهِمْ، وَهُوَ بَيْنَ أَمَجَ وَعُسْفَانَ حَيْثُ كَانَ مُصَابُ أَصْحَابِهِ، فَتَرَحَّمَ عَلَيْهِمْ، وَدَعَا لَهُمْ، وَسَمِعَتْ بَنُو لِحْيَانَ، فَهَرَبُوا فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ، فَلَمْ يَقْدِرْ مِنْهُمْ عَلَى أَحَدٍ، فَأَقَامَ يَوْمَيْنِ بِأَرْضِهِمْ، وَبَعَثَ السَّرَايَا، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ، فَسَارَ إِلَى عُسْفَانَ، فَبَعَثَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ إِلَى كُرَاعِ الْغَمِيمِ لِتَسْمَعَ بِهِ قُرَيْشٌ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ غَيْبَتُهُ عَنْهَا أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.
[فَصْلٌ فِي سَرِيَّةِ نَجْدٍ]
ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بثمامة بن أثال الحنيفي سَيِّدِ بَنِي حَنِيفَةَ، فَرَبَطَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، وَمَرَّ بِهِ فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ يَا ثمامة؟ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ، فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ، فَتَرَكَهُ، ثُمَّ مَرَّ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ كَمَا رَدَّ عَلَيْهِ أَوَّلًا، ثُمَّ مَرَّ مَرَّةً ثَالِثَةً، فَقَالَ: أَطْلِقُوا ثمامة، فَأَطْلَقُوهُ، فَذَهَبَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ جَاءَهُ، فَأَسْلَمَ، وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ دِينٌ أَبْغَضَ عَلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الْأَدْيَانِ إلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى قُرَيْشٍ قَالُوا: صَبَوْتَ يَا ثمامة؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا وَاللَّهِ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute