فَهَلَّا خَرَجْتِ عَلَيْهِ؟ فَإِنَّ الْحَجَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَمَّا إِذْ فَاتَتْكِ هَذِهِ الْحَجَّةُ مَعَنَا فَاعْتَمِرِي فِي رَمَضَانَ؛ فَإِنَّهَا كَحَجَّةٍ) » .
فَصْلٌ
وَمِنْهَا وَهْمٌ آخَرُ لَهُ، وَهُوَ أَنَّ خُرُوجَهُ كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِسِتٍّ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ خَرَجَ لِخَمْسٍ، وَأَنَّ خُرُوجَهُ كَانَ يَوْمَ السَّبْتِ.
[وَهِمَ مُحِبُّ الدِّينِ الطَّبَرِيُّ بِقَوْلِهِ خَرَجَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ]
وَمِنْهَا وَهْمٌ آخَرُ لِبَعْضِهِمْ، ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ فِي " حَجَّةِ الْوَدَاعِ " أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ. وَالَّذِي حَمَلَهُ عَلَى هَذَا الْوَهْمِ الْقَبِيحِ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: خَرَجَ لِسِتٍّ بَقِينَ، فَظَنَّ أَنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْخُرُوجُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ إِذْ تَمَامُ السِّتِّ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ، وَأَوَّلُ ذِي الْحِجَّةِ كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ بِلَا رَيْبٍ، وَهَذَا خَطَأٌ فَاحِشٌ؛ فَإِنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ خُرُوجِهِ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ ".
وَحَكَى الطَّبَرِيُّ فِي حَجَّتِهِ قَوْلًا ثَالِثًا: أَنَّ خُرُوجَهُ كَانَ يَوْمَ السَّبْتِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْوَاقِدِيِّ، وَهُوَ الْقَوْلُ الَّذِي رَجَّحْنَاهُ أَوَّلًا، لَكِنَّ الْوَاقِدِيَّ وَهِمَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَوْهَامٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ خُرُوجِهِ الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، الْوَهْمُ الثَّانِي: أَنَّهُ أَحْرَمَ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَقِيبَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَإِنَّمَا أَحْرَمَ مِنَ الْغَدِ بَعْدَ أَنْ بَاتَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، الْوَهْمُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْوَقْفَةَ كَانَتْ يَوْمَ السَّبْتِ، وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ وَهْمٌ بَيِّنٌ.
[فَصْلٌ وَهِمَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطَيَّبَ قَبْلَ غُسْلِهِ ثُمَّ غَسَلَ الطِّيبَ عَنْهُ لَمَّا اغْتَسَلَ]
وَمِنْهَا وَهْمٌ لِلْقَاضِي عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطَيَّبَ هُنَاكَ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute