للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّابِعُ: أَنْ يَحْصُلَ فِيهَا مَا يُثَوِّرُ الطَّعَامَ بِكَيْفِيَّتِهِ وَطَبِيعَتِهِ فَتَقْذِفُ بِهِ.

الثَّامِنُ: الْقَرَفُ، وَهُوَ مُوجِبُ غَثَيَانِ النَّفْسِ وَتَهَوِّعِهَا.

التَّاسِعُ: مِنَ الْأَعْرَاضِ النَّفْسَانِيَّةِ، كَالْهَمِّ الشَّدِيدِ وَالْغَمِّ وَالْحَزَنِ وَغَلَبَةِ اشْتِغَالِ الطَّبِيعَةِ وَالْقُوَى الطَّبِيعِيَّةِ بِهِ، وَاهْتِمَامِهَا بِوُرُودِهِ عَنْ تَدْبِيرِ الْبَدَنِ، وَإِصْلَاحِ الْغِذَاءِ وَإِنْضَاجِهِ وَهَضْمِهِ، فَتَقْذِفُهُ الْمَعِدَةُ، وَقَدْ يَكُونُ لِأَجْلِ تَحَرُّكِ الْأَخْلَاطِ عِنْدَ تَخَبُّطِ النَّفْسِ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ النَّفْسِ وَالْبَدَنِ يَنْفَعِلُ عَنْ صَاحِبِهِ، وَيُؤَثِّرُ فِي كَيْفِيَّتِهِ.

الْعَاشِرُ: نَقْلُ الطَّبِيعَةِ بِأَنْ يَرَى مَنْ يَتَقَيَّأُ، فَيَغْلِبُهُ هُوَ الْقَيْءُ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْعَاءٍ، فَإِنَّ الطَّبِيعَةَ نَقَّالَةٌ.

وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ حُذَّاقِ الْأَطِبَّاءِ، قَالَ: كَانَ لِي ابْنُ أُخْتٍ حَذَقَ فِي الْكُحْلِ، فَجَلَسَ كَحَّالًا، فَكَانَ إِذَا فَتَحَ عَيْنَ الرَّجُلِ، وَرَأَى الرَّمَدَ وَكَحَّلَهُ، رَمِدَ هُوَ، وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَتَرَكَ الْجُلُوسَ. قُلْتُ لَهُ: فَمَا سَبَبُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَقْلُ الطَّبِيعَةِ، فَإِنَّهَا نَقَّالَةٌ، قَالَ: وَأَعْرِفُ آخَرَ، كَانَ رَأَى خُرَّاجًا فِي مَوْضِعٍ مِنْ جِسْمِ رَجُلٍ يَحُكُّهُ، فَحَكَّ هُوَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ، فَخَرَجَتْ فِيهِ خُرَّاجَةٌ. قُلْتُ: وَكُلُّ هَذَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنِ اسْتِعْدَادِ الطَّبِيعَةِ، وَتَكُونُ الْمَادَّةُ سَاكِنَةً فِيهَا غَيْرَ مُتَحَرِّكَةٍ، فَتَتَحَرَّكُ لِسَبَبٍ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ، فَهَذِهِ أَسْبَابٌ لِتَحَرُّكِ الْمَادَّةِ لَا أَنَّهَا هِيَ الْمُوجِبَةُ لِهَذَا الْعَارِضِ.

[فصل أَنْفَعُ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ لِلْقَيْءِ وَالْإِسْهَالِ]

فَصْلٌ وَلَمَّا كَانَتِ الْأَخْلَاطُ فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ، وَالْأَزْمِنَةِ الْحَارَّةِ تَرِقُّ وَتَنْجَذِبُ إِلَى فَوْقَ، كَانَ الْقَيْءُ فِيهَا أَنْفَعَ. وَلَمَّا كَانَتْ فِي الْأَزْمِنَةِ الْبَارِدَةِ وَالْبِلَادِ الْبَارِدَةِ تَغْلُظُ، وَيَصْعُبُ جَذْبُهَا إِلَى فَوْقَ، كَانَ اسْتِفْرَاغُهَا بِالْإِسْهَالِ أَنْفَعَ.

وَإِزَالَةُ الْأَخْلَاطِ وَدَفْعُهَا تَكُونُ بِالْجَذْبِ وَالِاسْتِفْرَاغِ، وَالْجَذْبُ يَكُونُ مِنْ أَبْعَدِ الطُّرُقِ، وَالِاسْتِفْرَاغُ مِنْ أَقْرَبِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَادَّةَ إِذَا كَانَتْ عَامِلَةً فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>