وَفِي " مُصَنَّفِهِ " أَيْضًا: عَنْ عمر بن راشد، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ قَالَ: لَا تَبِينُ حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَتَحِلُّ لَهَا الصَّلَاةُ.
فَهَؤُلَاءِ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنَ الصِّحَابَةِ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ. قَالَ شريك: لَهُ الرَّجْعَةُ وَإِنْ فَرَّطَتْ فِي الْغُسْلِ عِشْرِينَ سَنَةً، وَهَذَا إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا تَنْقَضِي بِمُجَرَّدِ طُهْرِهَا مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَلَا تَقِفُ عَلَى الْغُسْلِ، وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ الْقَدِيمِ حَيْثُ كَانَ يَقُولُ: الْأَقْرَاءُ: الْحِيَضُ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا أبو الخطاب.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا فِي عِدَّتِهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ، وَلِزَوْجِهَا رَجْعَتُهَا حَتَّى يَمْضِيَ عَلَيْهَا وَقْتُ الصَّلَاةِ الَّتِي طَهُرَتْ فِي وَقْتِهَا، وَهَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ عَنْ أحمد: حَكَاهَا أبو بكر عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ أبي حنيفة رَحِمَهُ اللَّهُ، لَكِنْ إِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ لِأَقَلِّ الْحَيْضِ، وَإِنِ انْقَطَعَ الدَّمُ لِأَكْثَرِهِ، انْقَضَتِ الْعِدَّةُ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ انْقِطَاعِهِ.
[هَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الطُّهْرِ مَسْبُوقًا بِدَمٍ قَبْلَهُ عَلَى مَنْ قَالَ بِالْأَطْهَارِ]
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّهَا الْأَطْهَارُ، اخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعَيْنِ، أَحَدُهُمَا: هَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الطُّهْرِ مَسْبُوقًا بِدَمٍ قَبْلَهُ، أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لَهُمْ، وَهُمَا وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وأحمد. أَحَدُهُمَا: يُحْتَسَبُ؛ لِأَنَّهُ طُهْرٌ بَعْدَهُ حَيْضٌ، فَكَانَ قُرْءًا، كَمَا لَوْ كَانَ قَبْلَهُ حَيْضٌ. وَالثَّانِي: لَا يُحْتَسَبُ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ إِلَّا إِذَا رَأَتِ الدَّمَ.
[هَلْ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالطَّعْنِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ عَلَى مَنْ قَالَ بِالْأَطْهَارِ]
الْمَوْضِعُ الثَّانِي: هَلْ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالطَّعْنِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ لَا تَنْقَضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute