للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّوَاغِيتِ الَّتِي تُسَاقُ إِلَيْهَا كُلَّهَا، وَيَصْرِفَهَا عَلَى الْجُنْدِ وَالْمُقَاتِلَةِ، وَمَصَالِحِ الْإِسْلَامِ، كَمَا أَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْوَالَ اللَّاتِ، وَأَعْطَاهَا لأبي سفيان يَتَأَلَّفُهُ بِهَا، وَقَضَى مِنْهَا دَيْنَ عروة والأسود، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَهْدِمَ هَذِهِ الْمَشَاهِدَ الَّتِي بُنِيَتْ عَلَى الْقُبُورِ الَّتِي اتُّخِذَتْ أَوْثَانًا، وَلَهُ أَنْ يُقْطِعَهَا لِلْمُقَاتِلَةِ، أَوْ يَبِيعَهَا وَيَسْتَعِينَ بِأَثْمَانِهَا عَلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي أَوْقَافِهَا، فَإِنْ وَقَفَهَا فَالْوَقْفُ عَلَيْهَا بَاطِلٌ، وَهُوَ مَالٌ ضَائِعٌ، فَيُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ الْوَقْفَ لَا يَصِحُّ إِلَّا فِي قُرْبَةٍ وَطَاعَةٍ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، فَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى مَشْهَدٍ وَلَا قَبْرٍ يُسْرَجُ عَلَيْهِ، وَيُعَظَّمُ وَيُنْذَرُ لَهُ، وَيُحَجُّ إِلَيْهِ، وَيُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَيُتَّخَذُ وَثَنًا مِنْ دُونِهِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يُخَالِفْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سَبِيلَهُمْ.

[فصل في أن وَادِي وَجٍّ حَرَمٌ]

فَصْلٌ

وَمِنْهَا: أَنَّ وَادِيَ وَجٍّ - وَهُوَ وَادٍ بِالطَّائِفِ - حَرَمٌ يَحْرُمُ صَيْدُهُ وَقَطْعُ شَجَرِهِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ، وَالْجُمْهُورُ قَالُوا: لَيْسَ فِي الْبِقَاعِ حَرَمٌ إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، وأبو حنيفة خَالَفَهُمْ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: وَجٌّ حَرَمٌ يَحْرُمُ صَيْدُهُ وَشَجَرُهُ، وَاحْتَجَّ لِهَذَا الْقَوْلِ بِحَدِيثَيْنِ: أَحَدُهُمَا: هَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ، وَالثَّانِي: حَدِيثُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ الزبير، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( «إِنَّ صَيْدَ وَجٍّ وَعِضَاهَهُ حَرَمٌ مُحَرَّمٌ لِلَّهِ» ) ، رَوَاهُ الْإِمَامُ أحمد وأبو داود.

وَهَذَا الْحَدِيثُ يُعْرَفُ بمحمد بن عبد الله بن إنسان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عروة. قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي " تَارِيخِهِ ": لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: وَفِي سَمَاعِ عروة مِنْ أَبِيهِ نَظَرٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَآهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>