للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعُلَمَاءِ إِنَّ نِكَاحَ الْفَقِيرِ لِلْمُوسِرَةِ بَاطِلٌ، وَإِنْ رَضِيَتْ، وَلَا يَقُولُ هُوَ وَلَا أَحَدٌ: إِنَّ نِكَاحَ الْهَاشِمِيَّةِ لِغَيْرِ الْهَاشِمِيِّ وَالْقُرَشِيَّةِ لِغَيْرِ الْقُرَشِيِّ بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا نَبَّهْنَا عَلَى هَذَا لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِنَا يَحْكُونَ الْخِلَافَ فِي الْكِفَاءَةِ، هَلْ هِيَ حَقٌّ لِلَّهِ أَوْ لِلْآدَمِيِّ؟ وَيُطْلِقُونَ مَعَ قَوْلِهِمْ إِنَّ الْكَفَاءَةَ هِيَ الْخِصَالُ الْمَذْكُورَةُ، وَفِي هَذَا مِنَ التَّسَاهُلِ وَعَدَمِ التَّحْقِيقِ مَا فِيهِ.

[فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُعْتَقَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ]

ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " وَ " السُّنَنِ ": «أَنَّ بريرة كَاتَبَتْ أَهْلَهَا، وَجَاءَتْ تَسْأَلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابَتِهَا فَقَالَتْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِأَهْلِهَا فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (اشْتَرِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: " مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ " ثُمَّ خَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَنْ تَبْقَى عَلَى نِكَاحِ زَوْجِهَا وَبَيْنَ أَنْ تَفْسَخَهُ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، فَقَالَ لَهَا: " إِنَّهُ زَوْجُكِ وَأَبُو وَلَدِكِ " فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَأْمُرُنِي بِذَلِكَ؟ قَالَ: " لَا إِنَّمَا أَنَا شَافِعٌ، قَالَتْ: فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ وَقَالَ لَهَا إِذْ خَيَّرَهَا: (إِنْ قَرُبَكِ فَلَا خِيَارَ لَكِ " وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتُصُدِّقَ عَلَيْهَا بِلَحْمٍ فَأَكَلَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ " هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ» ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>