للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: ٩٧] [آلِ عِمْرَانَ: ٩٧] نَزَلَتْ عَامَ الْوُفُودِ أَوَاخِرَ سَنَةِ تِسْعٍ.

[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وُفُودِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]

[وَفْدُ ثَقِيفٍ]

[قدوم وفد ثقيف]

فَصْلٌ

فِي قُدُومِ وُفُودِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَقَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ ثَقِيفٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعَ سِيَاقِ غَزْوَةِ الطَّائِفِ. قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: ( «وَأَقَامَ أبو بكر لِلنَّاسِ حَجَّهُمْ، وَقَدِمَ عروة بن مسعود الثقفي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَرْجِعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ: فَقَدِمَ وَفْدُهُمْ وَفِيهِمْ كنانة بن عبد ياليل، وَهُوَ رَأْسُهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَفِيهِمْ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَهُوَ أَصْغَرُ الْوَفْدِ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْزِلْ قَوْمِي عَلَيَّ فَأَكْرِمَهُمْ، فَإِنِّي حَدِيثُ الْجُرْحِ فِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا أَمْنَعُكَ أَنْ تُكْرِمَ قَوْمَكَ، وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ حَيْثُ يَسْمَعُونَ الْقُرْآنَ "، وَكَانَ مِنْ جُرْحِ المغيرة فِي قَوْمِهِ أَنَّهُ كَانَ أَجِيرًا لِثَقِيفٍ، وَأَنَّهُمْ أَقْبَلُوا مِنْ مُضَرَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَدَا عَلَيْهِمْ وَهُمْ نِيَامٌ فَقَتَلَهُمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِأَمْوَالِهِمْ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَّا الْإِسْلَامُ فَنَقْبَلُ، وَأَمَّا الْمَالُ فَلَا، فَإِنَّا لَا نَغْدِرُ "، وَأَبَى أَنْ يُخَمِّسَ مَا مَعَهُ، وَأَنْزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفْدَ ثَقِيفٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَبَنَى لَهُمْ خِيَامًا لِكَيْ يَسْمَعُوا الْقُرْآنَ، وَيَرَوُا النَّاسَ إِذَا صَلَّوْا.

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا خَطَبَ لَا يَذْكُرُ نَفْسَهُ، فَلَمَّا سَمِعَهُ وَفْدُ ثَقِيفٍ قَالُوا: يَأْمُرُنَا أَنْ نَشْهَدَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَلَا يَشْهَدُ بِهِ فِي خُطْبَتِهِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ قَوْلُهُمْ قَالَ: فَإِنِّي أَوَّلُ مَنْ شَهِدَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ.

وَكَانُوا يَغْدُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّ يَوْمٍ، وَيُخَلِّفُونَ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ عَلَى رِحَالِهِمْ لِأَنَّهُ أَصْغَرُهُمْ، فَكَانَ عثمان كُلَّمَا رَجَعَ الْوَفْدُ إِلَيْهِ وَقَالُوا بِالْهَاجِرَةِ، عَمَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَسَأَلَهُ عَنِ الدِّينِ وَاسْتَقْرَأَهُ الْقُرْآنَ، فَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ عثمان مِرَارًا حَتَّى فَقِهَ فِي الدِّينِ وَعَلِمَ، وَكَانَ إِذَا وَجَدَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَائِمًا عَمَدَ إِلَى أبي بكر، وَكَانَ يَكْتُمُ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَعْجَبَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَحَبَّهُ، فَمَكَثَ الْوَفْدُ يَخْتَلِفُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا، فَقَالَ كنانة بن عبد ياليل: هَلْ أَنْتَ مُقَاضِينَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَى قَوْمِنَا؟ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>