للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ربيعة وَابْنُ شِهَابٍ: فَاخْتَارَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ نَفْسَهَا فَذَهَبَتْ وَكَانَتِ الْبَتَّةَ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَتْ بَدَوِيَّةً. قَالَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ: وَهِيَ ابنة الضحاك العامرية، رَجَعَتْ إِلَى أَهْلِهَا، وَقَالَ ابن حبيب: قَدْ كَانَ دَخَلَ بِهَا. انْتَهَى.

وَقِيلَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَكَانَتْ تَلْتَقِطُ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَعْرَ، وَتَقُولُ أَنَا الشَّقِيَّةُ.

وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا التَّخْيِيرِ، فِي مَوْضِعَيْنِ. أَحَدُهُمَا: فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَ؟ وَالثَّانِي: فِي حُكْمِهِ، فَأَمَّا الْأَوَّلُ، فَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ الْمُقَامِ مَعَهُ وَالْفِرَاقِ، وَذَكَرَ عبد الرزاق فِي " مُصَنَّفِهِ " عَنِ الحسن، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا خَيَّرَهُنَّ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَمْ يُخَيِّرْهُنَّ فِي الطَّلَاقِ، وَسِيَاقُ الْقُرْآنِ، وَقَوْلُ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرُدُّ قَوْلَهُ، وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَيَّرَهُنَّ بَيْنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالدَّارِ الْآخِرَةِ وَبَيْنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا، وَجَعَلَ مُوجَبَ اخْتِيَارِهِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ الْمُقَامَ مَعَ رَسُولِهِ، وَمُوجَبَ اخْتِيَارِهِنَّ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا أَنْ يُمَتِّعَهُنَّ وَيُسَرِّحَهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا، وَهُوَ الطَّلَاقُ بِلَا شَكٍّ وَلَا نِزَاعٍ.

[كَانَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْمُقَامِ مَعَهُ وَالْفِرَاقِ]

وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي حُكْمِهِ، فَفِي مَوْضِعَيْنِ. أَحَدُهُمَا: فِي حُكْمِ اخْتِيَارِ الزَّوْجِ، وَالثَّانِي: فِي حُكْمِ اخْتِيَارِ النَّفْسِ، فَأَمَّا الْأَوَّلُ، فَالَّذِي عَلَيْهِ مُعْظَمُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ وَنِسَاؤُهُ كُلُّهُنَّ، وَمُعْظَمُ الْأُمَّةِ، أَنَّ مَنِ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا لَمْ تَطْلُقْ، وَلَا يَكُونُ التَّخْيِيرُ بِمُجَرَّدِهِ طَلَاقًا، صَحَّ ذَلِكَ عَنْ عمر وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وعائشة. (قَالَتْ عائشة: «خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاخْتَرْنَاهُ» ، فَلَمْ نَعُدَّهُ طَلَاقًا، وَعَنْ أم سلمة وَقَرِيبَةِ أُخْتِهَا، وعبد الرحمن بن أبي بكر)

وَصَحَّ عَنْ علي وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، أَنَّهَا إِنِ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَهِيَ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَهُوَ قَوْلُ الحسن، وَرِوَايَةٌ عَنْ أحمد رَوَاهَا عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>