(فَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ الَّتِي أَصْدَقَكِ "؟ قَالَتْ: نَعَمْ وَزِيَادَةً مِنْ مَالِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَّا الزِّيَادَةُ مِنْ مَالِكِ فَلَا وَلَكِنِ الْحَدِيقَةُ " قَالَتْ: نَعَمْ» ) فَقَضَى بِذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَحَدِيثُ أبي الزبير مُقَوٍّ لَهُ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْهُمَا.
[فَصْلٌ حُكْمُ الرَّجْعَةِ مِنَ الْخُلْعِ فِي الْعِدَّةِ]
فَصْلٌ
وَفِي تَسْمِيَتِهِ سُبْحَانَهُ الْخُلْعَ فِدْيَةً، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ، وَلِهَذَا اعْتُبِرَ فِيهِ رِضَى الزَّوْجَيْنِ، فَإِذَا تَقَايَلَا الْخُلْعَ وَرَدَّ عَلَيْهَا مَا أَخَذَ مِنْهَا، وَارْتَجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ فَهَلْ لَهُمَا ذَلِكَ؟ مَنَعَهُ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَغَيْرُهُمْ، وَقَالُوا: قَدْ بَانَتْ مِنْهُ بِنَفْسِ الْخُلْعِ، وَذَكَرَ عبد الرزاق عَنْ معمر عَنْ قتادة عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُخْتَلِعَةِ: (إِنْ شَاءَ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَلْيَرُدَّ عَلَيْهَا مَا أَخَذَ مِنْهَا فِي الْعِدَّةِ، وَلْيُشْهِدْ عَلَى رَجْعَتِهَا) قَالَ معمر: وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ قتادة: وَكَانَ الحسن يَقُولُ لَا يُرَاجِعُهَا إِلَّا بِخُطْبَةٍ.
وَلِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالزُّهْرِيِّ وَجْهٌ دَقِيقٌ مِنَ الْفِقْهِ لَطِيفُ الْمَأْخَذِ، تَتَلَقَّاهُ قَوَاعِدُ الْفِقْهِ وَأُصُولُهُ بِالْقَبُولِ وَلَا نَكَارَةَ فِيهِ غَيْرَ أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى خِلَافِهِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ فَهِيَ فِي حَبْسِهِ، وَيَلْحَقُهَا صَرِيحُ طَلَاقِهِ الْمُنَجَّزِ عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، فَإِذَا تَقَايَلَا عَقْدَ الْخُلْعِ وَتَرَاجَعَا إِلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ بِتَرَاضِيهِمَا لَمْ تَمْنَعْ قَوَاعِدُ الشَّرْعِ ذَلِكَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْعِدَّةِ، فَإِنَّهَا قَدْ صَارَتْ مِنْهُ أَجْنَبِيَّةً مَحْضَةً، فَهُوَ خَاطِبٌ مِنَ الْخُطَّابِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute