رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا يَحِلُّ قَتْلُهُ إِنَّهُ مُسْلِمٌ، بَلْ قَالَ: " «وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ قدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ» " فَأَجَابَ بِأَنَّ فِيهِ مَانِعًا مِنْ قَتْلِهِ وَهُوَ شُهُودُهُ بَدْرًا، وَفِي الْجَوَابِ بِهَذَا كَالتَّنْبِيهِ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ جَاسُوسٍ لَيْسَ لَهُ مِثْلُ هَذَا الْمَانِعِ، وَهَذَا مَذْهَبُ مالك، وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أحمد، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وأبو حنيفة: لَا يُقْتَلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أحمد، وَالْفَرِيقَانِ يَحْتَجُّونَ بِقِصَّةِ حاطب. وَالصَّحِيحُ: أَنَّ قَتْلَهُ رَاجِعٌ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ، فَإِنْ رَأَى فِي قَتْلِهِ مَصْلَحَةً لِلْمُسْلِمِينَ، قَتَلَهُ، وَإِنْ كَانَ اسْتِبْقَاؤُهُ أَصْلَحَ اسْتَبْقَاهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[جَوَازُ تَجْرِيدِ الْمَرْأَةِ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ]
فَصْلٌ
وَفِيهَا: جَوَازُ تَجْرِيدِ الْمَرْأَةِ كُلِّهَا وَتَكْشِيفِهَا لِلْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، فَإِنَّ عليا والمقداد قَالَا لِلظَّعِينَةِ: لتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لِنَكْشِفَنَّكِ، وَإِذَا جَازَ تَجْرِيدُهَا لِحَاجَتِهَا إِلَى ذَلِكَ حَيْثُ تَدْعُو إِلَيْهَا، فَتَجْرِيدُهَا لِمَصْلَحَةِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ أَوْلَى.
[فصل في الرَّجُلَ إِذَا نَسَبَ الْمُسْلِمَ إِلَى النِّفَاقِ وَالْكُفْرِ مُتَأَوِّلًا وَغَضَبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ]
وَفِيهَا: أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا نَسَبَ الْمُسْلِمَ إِلَى النِّفَاقِ وَالْكُفْرِ مُتَأَوِّلًا وَغَضَبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَدِينِهِ لَا لِهَوَاهُ وَحَظِّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِذَلِكَ، بَلْ لَا يَأْثَمُ بِهِ، بَلْ يُثَابُ عَلَى نِيَّتِهِ وَقَصْدِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ، فَإِنَّهُمْ يُكَفِّرُونَ وَيُبَدِّعُونَ لِمُخَالَفَةِ أَهْوَائِهِمْ وَنِحَلِهِمْ، وَهُمْ أَوْلَى بِذَلِكَ مِمَّنْ كَفَّرُوهُ وَبَدَّعُوهُ.
[فصل في أن الْكَبِيرَةُ الْعَظِيمَةُ مِمَّا دُونَ الشِّرْكِ قَدْ تُكَفَّرُ بِالْحَسَنَةِ الْكَبِيرَةِ الْمَاحِيَةِ]
وَفِيهَا: أَنَّ الْكَبِيرَةَ الْعَظِيمَةَ مِمَّا دُونَ الشِّرْكِ قَدْ تُكَفَّرُ بِالْحَسَنَةِ الْكَبِيرَةِ الْمَاحِيَةِ، كَمَا وَقَعَ الْجَسُّ مِنْ حاطب مُكَفَّرًا بِشُهُودِهِ بَدْرًا، فَإِنَّ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْحَسَنَةُ الْعَظِيمَةُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ وَتَضَمَّنَتْهُ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ لَهَا وَرِضَاهُ بِهَا وَفَرَحِهِ بِهَا وَمُبَاهَاتِهِ لِلْمَلَائِكَةِ بِفَاعِلِهَا، أَعْظَمُ مِمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةُ الْجَسِّ مِنَ الْمَفْسَدَةِ وَتَضَمَّنَتْهُ مِنْ بُغْضِ اللَّهِ لَهَا، فَغَلَبَ الْأَقْوَى عَلَى الْأَضْعَفِ فَأَزَالَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute