نَسَبٍ مِنْ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، وَفَضِيحَةَ أَهْلِهَا وَأَقَارِبِهَا، وَالْجِنَايَةَ عَلَى مَحْضِ حَقِّ الزَّوْجِ، وَخِيَانَتَهُ فِيهِ، وَإِسْقَاطَ حُرْمَتِهِ عِنْدَ النَّاسِ، وَتَعْيِيرَهُ بِإِمْسَاكِ الْبَغِيِّ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مَفَاسِدِ زِنَاهَا، فَكَانَتِ الْبُدَاءَةُ بِهَا فِي الْحَدِّ أَهَمَّ، وَأَمَّا اللِّعَانُ فَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِي قَذَفَهَا وَعَرَّضَهَا لِلِّعَانِ، وَهَتَكَ عِرْضَهَا، وَرَمَاهَا بِالْعَظِيمَةِ، وَفَضَحَهَا عِنْدَ قَوْمِهَا وَأَهْلِهَا، وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ إِذَا لَمْ يُلَاعِنْ، فَكَانَتِ الْبُدَاءَةُ بِهِ فِي اللِّعَانِ أَوْلَى مِنَ الْبُدَاءَةِ بِهَا.
[فصل وَعْظُهُمَا قَبْلَ اللِّعَانِ]
فَصْلٌ
وَمِنْهَا: وَعْظُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ عِنْدَ إِرَادَةِ الشُّرُوعِ فِي اللِّعَانِ، فَيُوعَظُ وَيُذَكَّرُ وَيُقَالُ لَهُ: عَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْخَامِسَةِ أُعِيدَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا كَمَا صَحَّتِ السُّنَّةُ بِهَذَا وَهَذَا.
[فصل لَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا أَقَلُّ مِنْ خَمْسِ مَرَّاتٍ]
وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنَ الرَّجُلِ أَقَلُّ مِنْ خَمْسِ مَرَّاتٍ، وَلَا مِنَ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إِبْدَالُ اللَّعْنَةِ بِالْغَضَبِ وَالْإِبْعَادِ وَالسَّخَطِ، وَلَا مِنْهَا إِبْدَالُ الْغَضَبِ بِاللَّعْنَةِ وَالْإِبْعَادِ وَالسَّخَطِ، بَلْ يَأْتِي كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ شَرْعًا وَقَدْرًا، وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أحمد ومالك وَغَيْرِهِمَا.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ شَيْئًا، بَلْ لَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ، فَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، الَّذِي يَعْلَمُ مِنَ السِّرِّ مَا يَعْلَمُ مِنَ الْعَلَانِيَةِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، بَلْ يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَهِيَ تَقُولُ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ: فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنَ الزِّنَى، وَلَا أَنْ تَقُولَ هِيَ: إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَى، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ إِذَا ادَّعَى الرُّؤْيَةَ: رَأَيْتُهَا تَزْنِي كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ، وَلَا أَصْلَ لِذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ كَفَانَا بِمَا شَرَعَهُ لَنَا وَأَمَرَنَا بِهِ عَنْ تَكَلُّفِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute