للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَتَى لَمْ يَكْتَوِ هَلَكَ فَنَهَاهُمْ عَنْهُ لِأَجْلِ هَذِهِ النِّيَّةِ.

وَقِيلَ: إِنَّمَا نَهَى عَنْهُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِهِ نَاصُورٌ، وَكَانَ مَوْضِعُهُ خَطَرًا فَنَهَاهُ عَنْ كَيِّهِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ مُنْصَرِفًا إِلَى الْمَوْضِعِ الْمُخَوَّفِ مِنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ ابن قتيبة: الْكَيُّ جِنْسَانِ:

كَيُّ الصَّحِيحِ؛ لِئَلَّا يَعْتَلَّ، فَهَذَا الَّذِي قِيلَ فِيهِ: لَمْ يَتَوَكَّلْ مَنِ اكْتَوَى؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَدْفَعَ الْقَدَرَ عَنْ نَفْسِهِ.

وَالثَّانِي: كَيُّ الْجُرْحِ إِذَا نَغِلَ، وَالْعُضْوِ إِذَا قُطِعَ، فَفِي هَذَا الشِّفَاءُ.

وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْكَيُّ لِلتَّدَاوِي الَّذِي يَجُوزُ أَنْ يَنْجَعَ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَنْجَعَ، فَإِنَّهُ إِلَى الْكَرَاهَةِ أَقْرَبُ. انْتَهَى.

وَثَبَتَ فِي " الصَّحِيحِ " فِي حَدِيثِ السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ أَنَّهُمُ ( «الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» ) .

فَقَدْ تَضَمَّنَتْ أَحَادِيثُ الْكَيِّ أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ، أَحَدُهَا: فِعْلُهُ. وَالثَّانِي: عَدَمُ مَحَبَّتِهِ لَهُ. وَالثَّالِثُ: الثَّنَاءُ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ. وَالرَّابِعُ: النَّهْيُ عَنْهُ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهَا بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ فِعْلَهُ يَدُلُّ عَلَى جِوَازِهِ، وَعَدَمُ مَحَبَّتِهِ لَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ. وَأَمَّا الثَّنَاءُ عَلَى تَارِكِهِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى وَأَفْضَلُ. وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْهُ فَعَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ وَالْكَرَاهَةِ أَوْ عَنِ النَّوْعِ الَّذِي لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ، بَلْ يُفْعَلُ خَوْفًا مِنْ حُدُوثِ الدَّاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فصل هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِلَاجِ الصَّرَعِ]

فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِلَاجِ الصَّرَعِ

أَخْرَجَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>