للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَدِّ، وَالْخَالَةُ عَلَى الْخَالِ، وَالْعَمَّةُ عَلَى الْعَمِّ، وَالْأُخْتُ عَلَى الْأَخِ. فَإِنْ كَانَا ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ، قُدِّمَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ يَعْنِي مَعَ اسْتِوَاءِ دَرَجَتِهِمَا، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ دَرَجَتُهُمَا مِنَ الطِّفْلِ، فَإِنْ كَانُوا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ إِلَيْهِ، فَتُقَدَّمُ الْأُخْتُ عَلَى ابْنَتِهَا، وَالْخَالَةُ عَلَى خَالَةِ الْأَبَوَيْنِ، وَخَالَةُ الْأَبَوَيْنِ عَلَى خَالَةِ الْجَدِّ، وَالْجَدَّةُ وَالْجَدُّ أَبُو الْأُمِّ عَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْأُبُوَّةِ وَالْأُمُومَةِ فِي الْحَضَانَةِ أَقْوَى مِنْ جِهَةِ الْأُخُوَّةِ فِيهَا. وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ أَبِ الْأُمِّ فِي الْمِيرَاثِ. وَالْوَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أحمد.

وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ: أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لِلْأَخِ مِنَ الْأُمِّ بِحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْعَصَبَاتِ، وَلَا مِنْ نِسَاءِ الْحَضَانَةِ، وَكَذَلِكَ الْخَالُ أَيْضًا، فَإِنَّ صَاحِبَ هَذَا الْوَجْهِ يَقُولُ: لَا حَضَانَةَ لَهُ، وَلَا نِزَاعَ أَنَّ أَبَا الْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهِ أَوْلَى مِنَ الْخَالِ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ جِهَتَيْنِ، كَقَرَابَةِ الْأُمِّ وَقَرَابَةِ الْأَبِ، مِثْلَ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ، وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ، وَالْأُخْتِ لِلْأُمِّ، وَأُمِّ الْأَبِ، وَأُمِّ الْأُمِّ، وَخَالَةِ الْأَبِ، وَخَالَةِ الْأُمِّ قُدِّمَ مَنْ فِي جِهَةِ الْأَبِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا اسْتَوَتْ دَرَجَتُهُمْ، أَوْ كَانَتْ جِهَةُ الْأَبِ أَقْرَبَ إِلَى الطِّفْلِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ جِهَةُ الْأُمِّ أَقْرَبَ، وَقَرَابَةُ الْأَبِ أَبْعَدَ، كَأُمِّ الْأُمِّ، وَأُمِّ أَبِ الْأَبِ، وَكَخَالَةِ الطِّفْلِ، وَعَمَّةِ أَبِيهِ، فَقَدْ تَقَابَلَ التَّرْجِيحَانِ، وَلَكِنْ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ إِلَى الطِّفْلِ لِقُوَّةِ شَفَقَتِهِ وَحُنُوِّهِ عَلَى شَفَقَةِ الْأَبْعَدِ، وَمَنْ قَدَّمَ قَرَابَةَ الْأَبِ، فَإِنَّمَا يُقَدِّمُهَا مَعَ مُسَاوَاةِ قَرَابَةِ الْأُمِّ لَهَا، فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ أَبْعَدَ مِنْهَا قُدِّمَتْ قَرَابَةُ الْأُمِّ الْقَرِيبَةِ، وَإِلَّا لَزِمَ مِنْ تَقْدِيمِ الْقَرَابَةِ الْبَعِيدَةِ لَوَازِمُ بَاطِلَةٌ لَا يَقُولُ بِهَا أَحَدٌ، فَبِهَذَا الضَّابِطِ يُمْكِنُ حَصْرُ جَمِيعِ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ وَجَرْيُهَا عَلَى الْقِيَاسِ الشَّرْعِيِّ، وَاطِّرَادُهَا وَمُوَافَقَتُهَا لِأُصُولِ الشَّرْعِ، فَأَيُّ مَسْأَلَةٍ وَرَدَتْ عَلَيْكَ أَمْكَنَ أَخْذُهَا مِنْ هَذَا الضَّابِطِ، مَعَ كَوْنِهِ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ، وَمَعَ سَلَامَتِهِ مِنَ التَّنَاقُضِ وَمُنَاقَضَةِ قِيَاسِ الْأُصُولِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[فَصْلٌ الْحَضَانَةُ حَقٌّ لِلْأُمِّ وَهَلْ تَحِقُّ لَهَا الْأُجْرَةُ]

فَصْلٌ

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَضَانَةَ حَقٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>