( «لَمْ يُخَمِّسِ السَّلَبَ» ) ، وَقَالَ: هُوَ لَهُ أَجْمَعُ، وَمَضَتْ عَلَى ذَلِكَ سُنَّتُهُ وَسُنَّةُ الصِّدِّيقِ بَعْدَهُ، وَمَا رَآهُ عمر اجْتِهَادٌ مِنْهُ أَدَّاهُ إِلَيْهِ رَأْيُهُ.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهِ لِلْقَاتِلِ، وَلَمْ يَنْظُرْ فِي قِيمَتِهِ وَقَدْرِهِ وَاعْتِبَارِ خُرُوجِهِ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ، وَقَالَ مالك: هُوَ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ مَنْ يُسْهَمُ لَهُ، وَمَنْ لَا يُسْهَمُ لَهُ، مِنْ صَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ وَعَبْدٍ وَمُشْرِكٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ إِلَّا مَنْ يَسْتَحِقُّ السَّهْمَ؛ لِأَنَّ السَّهْمَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَسْتَحِقَّهُ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ وَالْمُشْرِكُ، فَالسَّلَبُ أَوْلَى، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِلْعُمُومِ، وَلِأَنَّهُ جَارٍ مَجْرَى قَوْلِ الْإِمَامِ: مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، أَوْ دَلَّ عَلَى حِصْنٍ، أَوْ جَاءَ بِرَأْسٍ فَلَهُ كَذَا مِمَّا فِيهِ تَحْرِيضٌ عَلَى الْجِهَادِ، وَالسَّهْمُ مُسْتَحَقٌّ بِالْحُضُورِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فِعْلٌ، وَالسَّلَبُ مُسْتَحَقٌّ بِالْفِعْلِ، فَجَرَى مَجْرَى الْجَعَالَةِ.
[فصل يَسْتَحِقُّ الْقَاتِلُ سَلَبَ جَمِيعِ مَنْ قَتَلَهُ وَإِنْ كَثُرُوا]
فَصْلٌ
وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَلَبَ جَمِيعِ مَنْ قَتَلَهُ وَإِنْ كَثُرُوا. وَقَدْ ذَكَرَ أبو داود أَنَّ أبا طلحة قَتَلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ عِشْرِينَ رَجُلًا، فَأَخَذَ أَسْلَابَهُمْ.
[فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ الطَّائِفِ]
[عام غزوة الطائف]
فِي غَزْوَةِ الطَّائِفِ
فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ، قَالَ ابن سعد: قَالُوا: وَلَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَسِيرَ إِلَى الطَّائِفِ، بَعَثَ الطُّفَيْلَ بْنَ عَمْرٍو إِلَى ذِي الْكَفَّيْنِ صَنَمِ عمرو بن حممة الدوسي يَهْدِمُهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَمِدَّ قَوْمَهُ وَيُوَافِيَهُ بِالطَّائِفِ، فَخَرَجَ سَرِيعًا إِلَى قَوْمِهِ، فَهَدَمَ ذَا الْكَفَّيْنِ، وَجَعَلَ يَحُشُّ النَّارَ فِي وَجْهِهِ وَيُحَرِّقُهُ وَيَقُولُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute