للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، فَصَحَّ عَنْ عثمان مَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُ.

وَأَمَّا أَثَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَلَا يَصِحُّ عَنْهُ، لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ، فِي أَحَدِهِمَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَفِي الثَّانِيَةِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ ومعاوية، فَقَدْ خَالَفَهُمَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ.

[فَصْلٌ طَلَاقُ الْإِغْلَاقِ]

فَصْلٌ

وَأَمَّا طَلَاقُ الْإِغْلَاقِ، فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حنبل: وَحَدِيثُ عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ( «لَا طَلَاقَ وَلَا عِتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ» ) ، يَعْنِي الْغَضَبَ، هَذَا نَصُّ أحمد حَكَاهُ عَنْهُ الخلال، وأبو بكر فِي " الشَّافِي "، و " زَادِ الْمُسَافِرِ ". فَهَذَا تَفْسِيرُ أحمد.

وَقَالَ أبو داود فِي " سُنَنِهِ ": أَظُنُّهُ الْغَضَبَ، وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ: " بَابُ الطَّلَاقِ عَلَى غَلَطٍ ". وَفَسَّرَهُ أبو عبيد وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ الْإِكْرَاهُ، وَفَسَّرَهُ غَيْرُهُمَا بِالْجُنُونِ، وَقِيلَ: هُوَ نَهْيٌ عَنْ إِيقَاعِ الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ دُفْعَةً وَاحِدَةً، فَيُغْلَقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ، كَغَلَقِ الرَّهْنِ، حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَحَقِيقَةُ الْإِغْلَاقِ أَنْ يُغْلَقَ عَلَى الرَّجُلِ قَلْبُهُ، فَلَا يَقْصِدُ الْكَلَامَ، أَوْ لَا يَعْلَمُ بِهِ، كَأَنَّهُ انْغَلَقَ عَلَيْهِ قَصْدُهُ وَإِرَادَتُهُ. قُلْتُ: قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ: الْغَلْقُ: ضِيقُ الصَّدْرِ، وَقِلَّةُ الصَّبْرِ بِحَيْثُ لَا يَجِدُ مَخْلَصًا، قَالَ شَيْخُنَا: وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ طَلَاقُ الْمُكْرَهِ وَالْمَجْنُونِ، وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسُكْرٍ أَوْ غَضَبٍ، وَكُلُّ مَنْ لَا قَصْدَ لَهُ وَلَا مَعْرِفَةَ لَهُ بِمَا قَالَ.

وَالْغَضَبُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>