بِالْحَدِّ، وَلَا عَهْدَ لَنَا فِي الشَّرِيعَةِ بِالْعُقُوبَةِ بِالطَّلَاقِ، وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.
وَأَمَّا الْمَأْخَذُ الثَّالِثُ: أَنَّ إِيقَاعَ الطَّلَاقِ بِهِ مِنْ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ، فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالسُّقُوطِ، فَإِنَّ هَذَا يُوجِبُ إِيقَاعَ الطَّلَاقِ مِمَّنْ سَكِرَ مُكْرَهًا، أَوْ جَاهِلًا بِأَنَّهَا خَمْرٌ، وَبِالْمَجْنُونِ وَالْمُبَرْسَمِ، بَلْ وَبِالنَّائِمِ، ثُمَّ يُقَالُ: وَهَلْ ثَبَتَ لَكُمْ أَنَّ طَلَاقَ السَّكْرَانِ سَبَبٌ حَتَّى يُرْبَطَ الْحُكْمُ بِهِ، وَهَلِ النِّزَاعُ إِلَّا فِي ذَلِكَ؟ .
وَأَمَّا الْمَأْخَذُ الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنَّ الصَّحَابَةَ جَعَلُوهُ كَالصَّاحِي فِي قَوْلِهِمْ: إِذَا شَرِبَ سَكِرَ، وَإِذَا سَكِرَ هَذَى. فَهُوَ خَبَرٌ لَا يَصِحُّ الْبَتَّةَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ: وَهُوَ خَبَرٌ مَكْذُوبٌ قَدْ نَزَّهَ اللَّهُ عليا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ مِنْهُ، وَفِيهِ مِنَ الْمُنَاقَضَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِهِ، فَإِنَّ فِيهِ إِيجَابَ الْحَدِّ عَلَى مَنْ هَذَى وَالْهَاذِي لَا حَدَّ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا الْمَأْخَذُ الْخَامِسُ وَهُوَ حَدِيثُ: ( «لَا قَيْلُولَةَ فِي الطَّلَاقِ» ) ، فَخَبَرٌ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ صَحَّ لَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى طَلَاقِ مُكَلَّفٍ يَعْقِلُ دُونَ مَنْ لَا يَعْقِلُ، وَلِهَذَا لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ طَلَاقُ الْمَجْنُونِ وَالْمُبَرْسَمِ وَالصَّبِيِّ.
وَأَمَّا الْمَأْخَذُ السَّادِسُ، وَهُوَ خَبَرُ: ( «كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ» ) ، فَمِثْلُهُ سَوَاءٌ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ فِي الْمُكَلَّفِ، وَجَوَابٌ ثَالِثٌ: أَنَّ السَّكْرَانَ الَّذِي لَا يَعْقِلُ إِمَّا مَعْتُوهٌ، وَإِمَّا مُلْحَقٌ بِهِ، وَقَدِ ادَّعَتْ طَائِفَةٌ أَنَّهُ مَعْتُوهٌ. قَالُوا: الْمَعْتُوهُ فِي اللُّغَةِ: الَّذِي لَا عَقْلَ لَهُ، وَلَا يَدْرِي مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ.
وَأَمَّا الْمَأْخَذُ السَّابِعُ: وَهُوَ أَنَّ الصَّحَابَةَ أَوْقَعُوا عَلَيْهِ الطَّلَاقَ، فَالصَّحَابَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute