للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُوُفِّيَ النَّجَاشِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَوْتِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَخَرَجَ بِالنَّاسِ إِلَى الْمُصَلَّى فَصَلَّى عَلَيْهِ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا.

قُلْتُ: وَهَذَا وَهْمٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - وَقَدْ خَلَطَ رَاوِيهِ وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ النَّجَاشِيِّ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي آمَنَ بِهِ وَأَكْرَمَ أَصْحَابَهُ وَبَيْنَ النَّجَاشِيِّ الَّذِي كَتَبَ إِلَيْهِ يَدْعُوهُ، فَهُمَا اثْنَانِ وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُبَيَّنًا فِي " صَحِيحِ مسلم " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ وَلَيْسَ بِالَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ.

[فَصْلٌ كِتَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُقَوْقِسِ]

فَصْلٌ

وَكَتَبَ إِلَى المقوقس مَلِكِ مِصْرَ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ: ( «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى المقوقس عَظِيمِ الْقِبْطِ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْقِبْطِ {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ٦٤] » ) [آلِ عِمْرَانَ ٦٤] .

وَبَعَثَ بِهِ مَعَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: إِنَّهُ كَانَ قَبْلَكَ رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ الرَّبُّ الْأَعْلَى فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، فَانْتَقَمَ بِهِ ثُمَّ انْتَقَمَ مِنْهُ، فَاعْتَبِرْ بِغَيْرِكَ وَلَا يَعْتَبِرْ غَيْرُكَ بِكَ. فَقَالَ: إِنَّ لَنَا دِينًا لَنْ نَدَعَهُ إِلَّا لِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، فَقَالَ حاطب: نَدْعُوكَ إِلَى دِينِ اللَّهِ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ الْكَافِي بِهِ اللَّهُ فَقْدَ مَا سِوَاهُ، إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ دَعَا النَّاسَ، فَكَانَ أَشَدَّهُمْ عَلَيْهِ قُرَيْشٌ، وَأَعْدَاهُمْ لَهُ الْيَهُودُ، وَأَقْرَبَهُمْ مِنْهُ النَّصَارَى، وَلَعَمْرِي مَا بِشَارَةُ مُوسَى بِعِيسَى إِلَّا كَبِشَارَةِ عِيسَى بِمُحَمَّدٍ، وَمَا دُعَاؤُنَا إِيَّاكَ إِلَى الْقُرْآنِ إِلَّا كَدُعَائِكَ أَهْلَ التَّوْرَاةِ إِلَى الْإِنْجِيلِ وَكُلُّ نَبِيٍّ أَدْرَكَ قَوْمًا فَهُمْ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>