(الْجَنَّةِ) » ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ. فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا أَصَحُّ، وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَمِعَ أَنْ تَكُونَ أُمَّتُهُ شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَأَعْلَمَهُ رَبُّهُ فَقَالَ: ( «إِنَّهُمْ ثَمَانُونَ صَفًّا مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ صَفًّا» ) ، فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِنْ تَفْضِيلِ اللَّهِ لِأُمَّتِهِ وَاخْتِيَارِهِ لَهَا أَنَّهُ وَهَبَهَا مِنَ الْعِلْمِ وَالْحِلْمِ مَا لَمْ يَهَبْهُ لِأُمَّةٍ سِوَاهَا، وَفِي " مُسْنَدِ البزار " وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ: إِنِّي بَاعِثٌ مِنْ بَعْدِكَ أُمَّةً إِنْ أَصَابَهُمْ مَا يُحِبُّونَ حَمِدُوا وَشَكَرُوا، وَإِنْ أَصَابَهُمْ مَا يَكْرَهُونَ احْتَسَبُوا وَصَبَرُوا، وَلَا حِلْمَ وَلَا عِلْمَ، قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ هَذَا وَلَا حِلْمَ وَلَا عِلْمَ؟ قَالَ: أُعْطِيهِمْ مِنْ حِلْمِي وَعِلْمِي» ) .
[اخْتِيَارُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنَ الْأَمَاكِنِ وَالْبِلَادِ خَيْرَهَا وَأَشْرَفَهَا]
وَمِنْ هَذَا اخْتِيَارُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنَ الْأَمَاكِنِ وَالْبِلَادِ خَيْرَهَا وَأَشْرَفَهَا، وَهِيَ الْبَلَدُ الْحَرَامُ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اخْتَارَهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَهُ مَنَاسِكَ لِعِبَادِهِ، وَأَوْجَبَ عَلَيْهِمُ الْإِتْيَانَ إِلَيْهِ مِنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، فَلَا يَدْخُلُونَهُ إِلَّا مُتَوَاضِعِينَ مُتَخَشِّعِينَ مُتَذَلِّلِينَ كَاشِفِي رُءُوسِهِمْ مُتَجَرِّدِينَ عَنْ لِبَاسِ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَجَعَلَهُ حَرَمًا آمِنًا لَا يُسْفَكُ فِيهِ دَمٌ، وَلَا تُعْضَدُ بِهِ شَجَرَةٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute