للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهَ فِيمَا أَمَرَكَ مِنْ طَلَاقِ امْرَأَتِكَ» .

فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ النُّصُوصُ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ نَوْعَانِ: مَدْخُولٌ بِهَا وَغَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا، وَكِلَاهُمَا لَا يَجُوزُ تَطْلِيقُهَا ثَلَاثًا مَجْمُوعَةً، وَيَجُوزُ تَطْلِيقُ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا طَاهِرًا وَحَائِضًا.

وَأَمَّا الْمَدْخُولُ بِهَا، فَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ، حَرُمَ طَلَاقُهَا، وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرًا، فَإِنْ كَانَتْ مُسْتَبِينَةَ الْحَمْلِ، جَازَ طَلَاقُهَا بَعْدَ الْوَطْءِ وَقَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا لَمْ يَجُزْ طَلَاقُهَا بَعْدَ الْوَطْءِ فِي طُهْرِ الْإِصَابَةِ، وَيَجُوزُ قَبْلَهُ. هَذَا الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مِنَ الطَّلَاقِ، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ، وَأَبَاحَهُ إِذَا كَانَ مِنْ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ، عَالِمٍ بِمَدْلُولِ اللَّفْظِ، قَاصِدٍ لَهُ.

[الِاخْتِلَافُ فِي وُقُوعِ الْمُحَرَّمِ مِنَ الطَّلَاقِ]

وَاخْتَلَفُوا فِي وُقُوعِ الْمُحَرَّمِ مِنْ ذَلِكَ، وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ، أَوْ فِي الطُّهْرِ الَّذِي وَاقَعَهَا فِيهِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي جَمْعِ الثَّلَاثِ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ الْمَسْأَلَتَيْنِ تَحْرِيرًا وَتَقْرِيرًا، كَمَا ذَكَرْنَاهُمَا تَصْوِيرًا، وَنَذْكُرُ حُجَجَ الْفَرِيقَيْنِ، وَمُنْتَهَى أَقْدَامِ الطَّائِفَتَيْنِ، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْمُقَلِّدَ الْمُتَعَصِّبَ لَا يَتْرُكُ مَنْ قَلَّدَهُ وَلَوْ جَاءَتْهُ كُلُّ آيَةٍ، وَأَنَّ طَالِبَ الدَّلِيلِ لَا يَأْتَمُّ بِسِوَاهُ، وَلَا يُحَكِّمُ إِلَّا إِيَّاهُ، وَلِكُلٍّ مِنَ النَّاسِ مَوْرِدٌ لَا يَتَعَدَّاهُ، وَسَبِيلٌ لَا يَتَخَطَّاهُ، وَلَقَدْ عُذِرَ مَنْ حَمَلَ مَا انْتَهَتْ إِلَيْهِ قُوَاهُ، وَسَعَى إِلَى حَيْثُ انْتَهَتْ إِلَيْهِ خُطَاهُ.

[هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ أَوْ فِي الطُّهْرِ الَّذِي وَاقَعَهَا فِيهِ]

فَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، فَإِنَّ الْخِلَافَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُحَرَّمِ لَمْ يَزَلْ ثَابِتًا بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَقَدْ وَهِمَ مَنِ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ عَلَى وُقُوعِهِ، وَقَالَ بِمَبْلَغِ عِلْمِهِ، وَخَفِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْخِلَافِ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>