النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» ) وَلِهَذَا نَصَّ أحمد عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ مُفَرِّقًا بَيْنَهُمَا، فَمَنَعَ مِنَ الْأَخْذِ فِي مَسْأَلَةِ الظَّفْرِ، وَجَوَّزَ لِلزَّوْجَةِ الْأَخْذَ، وَعَمِلَ بِكِلَا الْحَدِيثَيْنِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ يَشُقُّ عَلَى الزَّوْجَةِ أَنْ تَرْفَعَهُ إِلَى الْحَاكِمِ، فَيُلْزِمَهُ بِالْإِنْفَاقِ أَوِ الْفِرَاقِ، وَفِي ذَلِكَ مَضَرَّةٌ عَلَيْهَا مَعَ تَمَكُّنِهَا مِنْ أَخْذِ حَقِّهَا.
الثَّالِثُ: أَنَّ حَقَّهَا يَتَجَدَّدُ كُلَّ يَوْمٍ فَلَيْسَ هُوَ حَقًّا وَاحِدًا مُسْتَقِرًّا يُمْكِنُ أَنْ تَسْتَدِينَ عَلَيْهِ، أَوْ تَرْفَعَهُ إِلَى الْحَاكِمِ بِخِلَافِ حَقِّ الدَّيْنِ.
[فصل هَلْ تَسْقُطُ النَّفَقَةُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ]
فَصْلٌ وَقَدِ احْتُجَّ بِقِصَّةِ هند هَذِهِ عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمَكِّنْهَا مِنْ أَخْذِ مَا مَضَى لَهَا مِنْ قَدْرِ الْكِفَايَةِ مَعَ قَوْلِهَا: إِنَّهُ لَا يُعْطِيهَا مَا يَكْفِيهَا وَلَا دَلِيلَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَدَّعِ بِهِ وَلَا طَلَبَتْهُ، وَإِنَّمَا اسْتَفْتَتْهُ: هَلْ تَأْخُذُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَا يَكْفِيهَا؟ فَأَفْتَاهَا بِذَلِكَ.
وَبَعْدُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ، هَلْ يَسْقُطَانِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ كِلَاهُمَا، أَوْ لَا يَسْقُطَانِ، أَوْ تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْأَقَارِبِ دُونَ الزَّوْجَاتِ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ.
أَحَدُهَا: أَنَّهُمَا يَسْقُطَانِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أبي حنيفة وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أحمد.
وَالثَّانِي: أَنَّهُمَا لَا يَسْقُطَانِ إِذَا كَانَ الْقَرِيبُ طِفْلًا، وَهَذَا وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute