الْبَاطِنَةِ كَالْمَعِدَةِ وَالْأَمْعَاءِ وَسَائِرِ آلَاتِ النَّفْسِ وَالْغِذَاءِ فَمَا يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ فِي هَذِهِ الْحَرَكَاتِ تَقْوِيَةٌ وَتَحْلِيلٌ لِلْمَوَادِّ وَلَا سِيَّمَا بِوَاسِطَةِ قُوَّةِ النَّفْسِ، وَانْشِرَاحِهَا فِي الصَّلَاةِ، فَتَقْوَى الطَّبِيعَةُ، فَيَنْدَفِعُ الْأَلَمُ، وَلَكِنْ دَاءُ الزَّنْدَقَةِ وَالْإِعْرَاضِ عَمَّا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَالتَّعَوُّضِ عَنْهُ بِالْإِلْحَادِ دَاءٌ لَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ، إِلَّا نَارٌ تَلَظَّى لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى.
وَأَمَّا تَأْثِيرُ الْجِهَادِ فِي دَفْعِ الْهَمِّ وَالْغَمِّ فَأَمْرٌ مَعْلُومٌ بِالْوِجْدَانِ، فَإِنَّ النَّفْسَ مَتَى تَرَكَتْ صَائِلَ الْبَاطِلِ وَصَوْلَتَهُ وَاسْتِيلَاءَهُ اشْتَدَّ هَمُّهَا، وَغَمُّهَا، وَكَرْبُهَا، وَخَوْفُهَا، فَإِذَا جَاهَدَتْهُ لِلَّهِ أَبْدَلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْهَمَّ وَالْحُزْنَ فَرَحًا وَنَشَاطًا وَقُوَّةً كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ - وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} [التوبة: ١٤ - ١٥] [التَّوْبَةِ: ١٤، ١٥] فَلَا شَيْءَ أَذْهَبُ لِجَوَى الْقَلْبِ وَغَمِّهِ وَهَمِّهِ وَحُزْنِهِ مِنَ الْجِهَادِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
وَأَمَّا تَأْثِيرُ " لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ " فِي دَفْعِ هَذَا الدَّاءِ فَلِمَا فِيهَا مِنْ كَمَالِ التَّفْوِيضِ، وَالتَّبَرِّي مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ، إِلَّا بِهِ وَتَسْلِيمِ الْأَمْرِ كُلِّهِ لَهُ، وَعَدَمِ مُنَازَعَتِهِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، وَعُمُومُ ذَلِكَ لِكُلِّ تَحَوُّلٍ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ فِي الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ، وَالسُّفْلِيِّ، وَالْقُوَّةِ عَلَى ذَلِكَ التَّحَوُّلِ، وَأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ بِاللَّهِ، وَحْدَهُ فَلَا يَقُومُ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ شَيْءٌ. وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ إِنَّهُ مَا يَنْزِلُ مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَا يَصْعَدُ إِلَيْهَا إِلَّا بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَلَهَا تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي طَرْدِ الشَّيْطَانِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
[فَصْلٌ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِلَاجِ الْفَزَعِ وَالْأَرَقِ الْمَانِعِ مِنَ النَّوْمِ]
فَصْلٌ
فِي هَدْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عِلَاجِ الْفَزَعِ وَالْأَرَقِ الْمَانِعِ مِنَ النَّوْمِ
رَوَى الترمذي فِي " جَامِعِهِ " عَنْ بريدة قَالَ: ( «شَكَى خالد إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا أَنَامُ اللَّيْلَ مِنَ الْأَرَقِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَقُلْ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظَلَّتْ وَرَبَّ الْأَرَضِينَ وَمَا أَقَلَّتْ وَرَبَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute