فَنَاوَلَتْهُ، فَرَمَانِي بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِي جَنْبِي، فَنَزَعْتُهُ فَوَضَعْتُهُ وَلَمْ أَتَحَرَّكْ، ثُمَّ رَمَانِي بِالْآخَرِ، فَوَضَعَهُ فِي رَأْسِ مَنْكِبِي، فَنَزَعْتُهُ فَوَضَعْتُهُ، وَلَمْ أَتَحَرَّكْ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَمَا وَاللَّهِ، لَقَدْ خَالَطَهُ سِهَامِي، وَلَوْ كَانَ رَبِيئَةً لَتَحَرَّكَ، فَإِذَا أَصْبَحْتِ فَابْتَغِي سَهْمَيَّ، فَخُذِيهِمَا لَا تَمْضُغْهُمَا الْكِلَابُ عَلَيَّ، قَالَ: فَأَمْهَلْنَاهُمْ حَتَّى إِذَا رَاحَتْ رَوَائِحُهُمْ، وَاحْتَلَبُوا وَسَكَنُوا، وَذَهَبَتْ عَتَمَةُ اللَّيْلِ، شَنَنَّا عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ، فَقَتَلْنَا مَنْ قَتَلْنَا، وَاسْتَقْنَا النَّعَمَ، فَوَجَّهْنَا قَافِلِينَ بِهِ، وَخَرَجَ صَرِيخُهُمْ إِلَى قَوْمِهِمْ، وَخَرَجْنَا سِرَاعًا حَتَّى نَمُرَّ بالحارث بن مالك وَصَاحِبِهِ، فَانْطَلَقْنَا بِهِ مَعَنَا، وَأَتَانَا صَرِيخُ النَّاسِ، فَجَاءَنَا مَا لَا قِبَلَ لَنَا بِهِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ إِلَّا بَطْنُ الْوَادِي مِنْ قُدَيْدٍ، أَرْسَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ حَيْثُ شَاءَ سَيْلًا، لَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا قَبْلَ ذَلِكَ مَطَرًا، فَجَاءَ بِمَا لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ يَقْدَمُ عَلَيَّ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ وُقُوفًا يَنْظُرُونَ إِلَيْنَا مَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ، وَنَحْنُ نَحْدُوهَا، فَذَهَبْنَا سِرَاعًا حَتَّى أَسْنَدْنَاهَا فِي الْمُشَلَّلِ، ثُمَّ حَدَرْنَاهَا عَنْهُ، فَأَعْجَزْنَا الْقَوْمَ بِمَا فِي أَيْدِينَا.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذِهِ السَّرِيَّةَ هِيَ السَّرِيَّةُ الَّتِي قَبْلَهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[فصل في سَرِيَّةُ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ إِلَى جَمْعِ يَمَنَ وَغَطَفَانَ وَحَيَّانَ]
فَصْلٌ
ثُمَّ قَدِمَ حسيل بن نويرة، وَكَانَ دَلِيلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى خَيْبَرَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَا وَرَاءَكَ؟ "، قَالَ: تَرَكْتُ جَمْعًا مِنْ يَمَنَ وَغَطَفَانَ وَحَيَّانَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْهِمْ عيينة، إِمَّا أَنْ تَسِيرُوا إِلَيْنَا، وَإِمَّا أَنْ نَسِيرَ إِلَيْكُمْ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ أَنْ سِرْ إِلَيْنَا، وَهُمْ يُرِيدُونَكَ، أَوْ بَعْضَ أَطْرَافِكَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبا بكر وعمر، فَذَكَرَ لَهُمَا ذَلِكَ، فَقَالَا جَمِيعًا: ابْعَثْ بشير بن سعد، فَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً، وَبَعَثَ مَعَهُ ثَلَاثَمِائَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute