للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُقُوقِ وَالْأَمْوَالِ وَلَوْ مُكِّنَتْ مِنْ طَلَبِ حَقِّهَا بَعْدَ ذَلِكَ، لَكَانَ فِيهِ تَأْخِيرُ الضَّرَرِ إِلَى أَكْمَلِ حَالَتَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ صُلْحًا، بَلْ كَانَ مِنْ أَقْرَبِ أَسْبَابِ الْمُعَادَاةِ، وَالشَّرِيعَةُ مُنَزَّهَةٌ عَنْ ذَلِكَ، وَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُنَافِقِ أَنَّهُ إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَالْقَضَاءُ النَّبَوِيُّ يَرُدُّ هَذَا.

وَمِنْهَا: أَنَّ الْأَمَةَ الْمُزَوَّجَةَ عَلَى النِّصْفِ مِنَ الْحُرَّةِ كَمَا قَضَى بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ إِلَّا رِوَايَةً عَنْ مالك أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَبِهَا قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْعَدْلُ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يُسَوِّ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ لَا فِي الطَّلَاقِ، وَلَا فِي الْعِدَّةِ، وَلَا فِي الْحَدِّ، وَلَا فِي الْمِلْكِ، وَلَا فِي الْمِيرَاثِ، وَلَا فِي الْحَجِّ، وَلَا فِي مُدَّةِ الْكَوْنِ عِنْدَ الزَّوْجِ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَلَا فِي أَصْلِ النِّكَاحِ - بَلْ جَعَلَ نِكَاحَهَا بِمَنْزِلَةِ الضَّرُورَةِ - وَلَا فِي عَدَدِ الْمَنْكُوحَاتِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنَ اثْنَتَيْنِ، هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (يَتَزَوَّجُ الْعَبْدُ ثِنْتَيْنِ وَيُطَلِّقُ ثِنْتَيْنِ وَتَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ حَيْضَتَيْنِ) وَاحْتَجَّ بِهِ أحمد وَرَوَاهُ أبو بكر عبد العزيز عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَا يَحِلُّ لِلْعَبْدِ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا ثِنْتَانِ.

وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: (سَأَلَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّاسَ كَمْ يَتَزَوَّجُ الْعَبْدُ؟ فَقَالَ عبد الرحمن ثِنْتَيْنِ وَطَلَاقُهُ ثِنْتَيْنِ) . فَهَذَا عمر وعلي وعبد الرحمن رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ مَعَ انْتِشَارِ هَذَا الْقَوْلِ وَظُهُورِهِ وَمُوَافَقَتِهِ لِلْقِيَاسِ.

[فَصْلٌ فِي قَضَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيمِ وَطْءِ الْمَرْأَةِ الْحُبْلَى مِنْ غَيْرِ الْوَاطِئِ]

ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مسلم ": مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( «أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>