وَفِي هَذَا ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَقْضِي سَوَاءٌ أَقْرَعَ أَوْ لَمْ يُقْرِعْ، وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة ومالك.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَقْضِي لِلْبَوَاقِي أَقْرَعَ أَوْ لَمْ يُقْرِعْ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الظَّاهِرِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ إِنْ أَقْرَعَ لَمْ يَقْضِ، وَإِنْ لَمْ يُقْرِعْ قَضَى، وَهَذَا قَوْلُ أحمد وَالشَّافِعِيِّ.
وَمِنْهَا: أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَهَبَ لَيْلَتَهَا لِضَرَّتِهَا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ جَعْلُهَا لِغَيْرِ الْمَوْهُوبَةِ، وَإِنْ وَهَبَتْهَا لِلزَّوْجِ، فَلَهُ جَعْلُهَا لِمَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ اللَّيْلَةَ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ فَإِذَا أَسَقَطَتْهَا وَجَعَلَتْهَا لِضَرَّتِهَا تَعَيَّنَتْ لَهَا، وَإِذَا جَعَلَتْهَا لِلزَّوْجِ جَعَلَهَا لِمَنْ شَاءَ مِنْ نِسَائِهِ، فَإِذَا اتَّفَقَ أَنْ تَكُونَ لَيْلَةُ الْوَاهِبَةِ تَلِي لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ، قَسَمَ لَهَا لَيْلَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَلِيهَا فَهَلْ لَهُ نَقْلُهَا إِلَى مُجَاوَرَتِهَا فَيَجْعَلُ اللَّيْلَتَيْنِ مُتَجَاوِرَتَيْنِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْفُقَهَاءِ وَهُمَا فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الرَّجُلَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى نِسَائِهِ كُلِّهِنَّ فِي يَوْمِ إِحْدَاهُنَّ، وَلَكِنْ لَا يَطَؤُهَا فِي غَيْرِ نَوْبَتِهَا.
وَمِنْهَا: أَنَّ لِنِسَائِهِ كُلِّهِنَّ أَنْ يَجْتَمِعْنَ فِي بَيْتِ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ يَتَحَدَّثْنَ إِلَى أَنْ يَجِيءَ وَقْتُ النَّوْمِ، فَتَؤُوبَ كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلَى مَنْزِلِهَا.
وَمِنْهَا: أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَضَى وَطَرًا مِنَ امْرَأَتِهِ، وَكَرِهَتْهَا نَفْسُهُ، أَوْ عَجَزَ عَنْ حُقُوقِهَا، فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، وَلَهُ أَنْ يُخَيِّرَهَا إِنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ عِنْدَهُ، وَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْقَسْمِ وَالْوَطْءِ وَالنَّفَقَةِ، أَوْ فِي بَعْضِ ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يَصْطَلِحَانِ عَلَيْهِ، فَإِذَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ، لَزِمَ، وَلَيْسَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ بَعْدَ الرِّضَى.
هَذَا مُوجَبُ السُّنَّةِ وَمُقْتَضَاهَا وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَسُوغُ غَيْرُهُ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ حَقَّهَا يَتَجَدَّدُ، فَلَهَا الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ مَتَى شَاءَتْ فَاسِدٌ، فَإِنَّ هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْمُعَاوَضَةِ وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى صُلْحًا، فَيَلْزَمُ كَمَا يَلْزَمُ مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute