للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثًا، فَإِنِ اسْتَجَابُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَقَاتِلْهُمْ. فَخَرَجَ خالد حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ فَبَعَثَ الرُّكَابَ يَضْرِبُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَيَدْعُونَ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَأَسْلَمَ النَّاسُ وَدَخَلُوا فِيمَا دَعَوْا إِلَيْهِ؛ فَأَقَامَ فِيهِمْ خالد يُعَلِّمُهُمُ الْإِسْلَامَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْبِلَ، وَيُقْبِلَ إِلَيْهِ بِوَفْدِهِمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ وَفَدُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَالَحَهُمْ عَلَى أَلْفَيْ حُلَّةٍ، وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابَ أَمْنٍ وَأَنْ لَا يُغَيِّرُوا عَنْ دِينِهِمْ وَلَا يُحْشَرُوا وَلَا يُعَشَّرُوا.

وَجَوَابُ هَذَا: أَنَّ أَهْلَ نَجْرَانَ كَانُوا صِنْفَيْنِ: نَصَارَى، وَأُمِّيِّينَ، فَصَالَحَ النَّصَارَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الْأُمِّيُّونَ مِنْهُمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَأَسْلَمُوا، وَقَدِمَ وَفْدُهُمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «بِمَ كُنْتُمْ تَغْلِبُونَ مَنْ قَاتَلَكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ " قَالُوا: كُنَّا نَجْتَمِعُ وَلَا نَتَفَرَّقُ وَلَا نَبْدَأُ أَحَدًا بِظُلْمٍ. قَالَ: " صَدَقْتُمْ» ) وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ قيس بن الحصين، وَهَؤُلَاءِ هُمْ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ. فَقَوْلُهُ: بَعَثَ عليا إِلَى أَهْلِ نَجْرَانَ لِيَأْتِيَهُ بِصَدَقَاتِهِمْ أَوْ جِزْيَتِهِمْ أَرَادَ بِهِ الطَّائِفَتَيْنِ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ، صَدَقَاتِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ وَجِزْيَةَ النَّصَارَى.

[فَصْلٌ فِي قُدُومِ رَسُولِ فَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو الْجُذَامِيِّ مَلِكِ عَرَبِ الرُّومِ]

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَبَعَثَ فروة بن عمرو الجذامي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا بِإِسْلَامِهِ، وَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَانَ فروة عَامِلًا لِلرُّومِ عَلَى مَنْ يَلِيهِمْ مِنَ الْعَرَبِ، وَكَانَ مَنْزِلُهُ مَعَانَ وَمَا حَوْلَهُ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ، فَلَمَّا بَلَغَ الرُّومَ ذَلِكَ مِنْ إِسْلَامِهِ، طَلَبُوهُ حَتَّى أَخَذُوهُ، فَحَبَسُوهُ عِنْدَهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتِ الرُّومُ لِصَلْبِهِ عَلَى مَاءٍ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ: عَفْرَاءُ بِفِلَسْطِينَ، قَالَ

أَلَا هَلْ أَتَى سَلْمَى بِأَنَّ حَلِيلَهَا ... عَلَى مَاءِ عَفْرَا فَوْقَ إِحْدَى الرَّوَاحِلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>