للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَغْنُومِينَ، ظُنَّ أَنَّ ذَلِكَ لِصُلْحٍ، وَلَعَمْرِي إِنَّ ذَلِكَ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ كَضَرْبٍ مِنَ الصُّلْحِ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَتْرُكُوا أَرْضَهُمْ إِلَّا بِالْحِصَارِ وَالْقِتَالِ، فَكَانَ حُكْمُ أَرْضِهِمَا حُكْمَ سَائِرِ أَرْضِ خَيْبَرَ كُلِّهَا عَنْوَةً غَنِيمَةً مَقْسُومَةً بَيْنَ أَهْلِهَا.

وَرُبَّمَا شُبِّهَ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّ نِصْفَ خَيْبَرَ صُلْحٌ، وَنِصْفَهَا عَنْوَةٌ، بِحَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «قَسَمَ خَيْبَرَ نِصْفَيْنِ: نِصْفًا لَهُ وَنِصْفًا لِلْمُسْلِمِينَ» )

قَالَ أبو عمر: وَلَوْ صَحَّ هَذَا لَكَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ النِّصْفَ لَهُ مَعَ سَائِرِ مَنْ وَقَعَ فِي ذَلِكَ النِّصْفِ مَعَهُ؛ لِأَنَّهَا قُسِمَتْ عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا، فَوَقَعَ السَّهْمُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَائِفَةٍ مَعَهُ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَوَقَعَ سَائِرُ النَّاسِ فِي بَاقِيهَا، وَكُلُّهُمْ مِمَّنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ ثُمَّ خَيْبَرَ، وَلَيْسَتِ الْحُصُونُ الَّتِي أَسْلَمَهَا أَهْلُهَا بَعْدَ الْحِصَارِ وَالْقِتَالِ صُلْحًا، وَلَوْ كَانَتْ صُلْحًا لَمَلَكَهَا أَهْلُهَا كَمَا يَمْلِكُ أَهْلُ الصُّلْحِ أَرْضَهُمْ وَسَائِرَ أَمْوَالِهِمْ، فَالْحَقُّ فِي هَذَا مَا قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ دُونَ مَا قَالَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. هَذَا آخِرُ كَلَامِ أبي عمر.

قُلْتُ: ذَكَرَ مالك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ خَيْبَرَ كَانَ بَعْضُهَا عَنْوَةً وَبَعْضُهَا صُلْحًا، وَالْكُتَيْبَةُ أَكْثَرُهَا عَنْوَةً، وَفِيهَا صُلْحٌ. قَالَ مالك: وَالْكُتَيْبَةُ أَرْضُ خَيْبَرَ وَهُوَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ عَذْقٍ.

وَقَالَ مالك عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «افْتَتَحَ بَعْضَ خَيْبَرَ عَنْوَةً» )

[فَصْلٌ في انصرافه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ إِلَى وَادِي الْقُرَى]

فَصْلٌ

ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ إِلَى وَادِي الْقُرَى، وَكَانَ بِهَا جَمَاعَةٌ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>